قيما. ولعل هذا العنوان الذي اختاره الكاتب يكاد يتضاءل عند التطبيق على فصول الكتاب. فقد كان الأجدر به أن يعقد فصلا خاصا بالبيئة العصرية في مختلف نواحيها، وفصلا عن نشأة الشاعر والنقلات المذهبية التي رافقت حياته، ثم فضلا عن أثر هذه العقائد في شعره إلى جانب الأثر القبلي، وأن يكون البحث في صلة برجال الحكم والسياسة مستقلا ألا بمقدار ما يتصل بالعقيدة. على أنني لا أنكر_كما قلت_أن الكاتب قد تعرض لذلك بإسهاب ولكن منهج البحث قد أضطرب عليه. أو أنه أختار لنفسه منهجا أدى به إلى هذا التقسيم المشوش. وإذا كان الكاتب قد استعان_كما يقول_بعلم الاجتماع وعلم النفس وغيرهما فإن استعانته تكاد تتضاءل في المواطن المهمة ومنها تصوير المجتمع تصويرا واضحا ليصل منه إلى دراسة الشاعر دراسة واضحة، ثم دراسة العقيدة الدينية من حيث هي بوصفها ظاهرة اجتماعية وبوصفها عاملا قويا في تكوين حياة المرء وسلوكه الخارجي وما ينتجه هذا السلوك من صور أدبية، ثم تطبيق هذا الإنتاج على مظاهر تلك العقيدة، لا شك أن اضطراب المنهج أضاع على الكاتب أن يجعل من تلك الدراسة المتينة فصولا يستقل أحدهما من الآخر ليصح معها التدرج المنهجي، وهذا الاضطراب هو الذي أوقع الكاتب في زاوية ضيقة المنافذ حين تحدث عن صلة الشاعر بالعصر الأموي المحتضر وموقفه من ذلك العصر فقد قال:
(. . وقد كان لها_أى الدولة الأموية_من سياستها (المكيافيلية) الوصولية التي تبرز في سبيل السلوك إلى غايتها أية وسيلة دنيئة ما يحسس الرأى العام ويحفزه إلى نقد أعمالها والنقمة عليها. . . وهذا ما يعلل كثرة الناهضين عليهم من القادة والعاملين على تقليص نفوذهم. على أن كثيرا من الناس_ومنهم صاحبنا_كانوا لا يقرون لها خلافة ولا يرونهم أهلالها مع وجود أربابها الشرعيين من أهل البيت.)
ألست هذه العبارة مضطربة لا تلتقي عند النقطة التي يجب أن تلتقي عندها في حياة الشاعر وعقيدته، فلو أن الكاتب الفاضل أشار إلى العقيدة الإسلامية من حيث هي وتعرض للنص الصريح في الصفات التي يجب أن تتوفر في الخليفة واعتقاد الشاعر هذا النص لانتهى إلى تحديد الثورة عند الشاعر واكتفى بالفقرة الأخيرة ولم يتعرض إلى سياسة الأمويين (الميكيافيلية) فالثورة هنا هي ثورة عقيدة دينية هاشمية علوية لا ثورة على