فارتعدت صديقتي عندما تذكرت أننا نعيش تحت سقف أحد أحفاد القرصان وقالت:
- هل يؤذي الناس أولئك الرجال؟
فأجبتها:
- إنهم لا يؤذون النساء ولا المصورين المتنقلين، وقضيت أسبوعاً في العمل متمتعاً بالهدوء. إنني لم أكن أربح كثيراً ولكن سعادتي في ذلك الوقت كانت في التصعلك مع رفيقتي المحبوبة دون أن يقع بيننا نزاع. لقد كنت مغموراً بالنعيم طوال ذلك الأسبوع، وكنت أعتبر نفسي مديناً بهذا النعيم إلى صاحب الدار حفيد القرصان.
نعم لقد كان يبعث السرور إلى قلب صديقتي عندما كان يرغمنا على تسلق النافذة في الساعة العاشرة مساء، ثم يدخل من باب المطبخ ليطلب الإيجار اليومي لغرفته، ثم يغادر الغرفة بمجرد حصوله على العشر فرنكات. ولكن في هذه اللحظة القصيرة كان جسمه الضخم يحرمنا من المتر المكعب الوحيد الذي سمحت لنا به الأربعة (دواليب) التي كانت تملأ غرفتنا الصغيرة، وكانت رفيقتي تقول وهي غارقة في الضحك كمجنونة بعد أن غيرت رأيها في حفيد القرصان:
- ماذا يكون حالنا لو شرع حفيد القرصان يقص علينا ذات ليلة أعمال أجداده. إننا سوف نموت بالاختناق!
وهكذا كنا نظل حتى منتصف الليل في الضحك والتنادر ولكن لكل شئ نهاية. ففي ذات ليلة بعد أن أدخل حفيد القرصان كتفيه بصعوبة ماداً ذراعه ليتناول نقوده نظر إلى فتاتي بعينين مفترستين وقال:
- إنك تضحكين كثيراً أيها السيدة!
كانت هذه العبارة القصيرة هي كل ما قاله، ثم خرج، ولكنها كانت كافية لأن يسود السكون التام في غرفتي.
قالت صديقتي وهي تنظر إلى باب الغرفة وقد انتابه شحوب شديد:
- إذن ليس مسموحاً للمرء أن يضحك في سان مالو، بينما يرغم على الدخول في داره من النافذة كي ينام في سرير أشبه بتابوت ميت مدفون تحت أربعة دواليب؟
لقد كان لها حق فيما تقول. وكذلك كان لحفيد القرصان. ولم يبق إلا أنا الذي رأيت واجباً