فبراير ١٩٠٤.
كانت اليابان قد أعدت عدتها وهي قريبة من الميدان فحطم الأسطول الياباني الأسطول الروسي في بورت آرثر وكذلك هزم الأسطول الروسي في فلاديفوستك وأصبحت لليابان السيطرة البحرية في الشرق الأقصى.
ثم نزل اليابانيون إلى البر وتمكنوا من حصار بورت آرثر وطاردوا الروس إلى مكدن وفي أول يناير ١٩٠٥ اضطرت بورت آرثر إلى التسليم.
وأقبل الشتاء فتحمل الروس خسائر فادحة، وفي ٩ مارس ١٩٠٥ سلمت مكدن وخسرت روسيا ٤٠ ألف قتيل و١٠٠ ألف جريح.
وقد أبدى اليابانيون في هذه الحرب بسالة نادرة ودقة في النظام كانت مضرب الأمثال وأثارت إعجاب العالم عامة والشرقيين خاصة لأنهم كانوا يرون في انتصار اليابان انتصار لهم. وقد خلد شاعر النيل هذه الحرب في قصيدته التي مطلعها:
أساحة للحرب أن محشر؟ ... ومورد الموت أم الكوثر؟
وهذه جند أطاعوا هوى ... أربابهم أن نعم تنحر؟
قد أقسم البيض بصلباتهم ... لا يهجرون الموت أو ينصروا
وأقسم الصفر بأوثانهم ... لا يغمدون السيف أو يظفروا
فمادت الأرض بأوتادها ... حين التقى الأبيض والأصفر
وأثمنتها خمرة من دم ... يلهم بها الميكاد والقيصر
والبيض لا ترضى بخذلانها ... والصفر بعد اليوم لا تكسر
فما لتلك الحرب قد شمرت ... عن ساقها حتى قضى العسكر
ويختتمها قائلا:
تسوءنا الحرب وإن أصبحت ... تدعو رجال الشرق أن يفخروا
أتى على المشرق حين إذا ... ما ذكر الأحياء لا يذكر
ومر بالشرق زمان وما ... يمر بالبال ولا يخطر
حتى أعاد الصفر أيامه ... فانتصف الأسود والأسمر
فرحمة الله على أمة ... يروى لها التاريخ ما يؤثر