مسؤولية الخاصة من حفظة الدين، وبالتالي ازداد أثرهم في توجيه التكامل الاجتماعي خيراً أو شراً تبعاً لاستعدادهم لمواجهة التحدي والفكري (الشك والثورة) الذي يكاد ينحصر في انتقاده للطقوس والعبادات والرمزيات التي تعبر عن العقيدة الدينية لا لجوهرها وكلما كان الدين وتعاليمه وعبادته وطقوسه في متناول الهامة من المؤمنين كان صيانة تلك التعاليم أكثر سهولة.
وظيفة الإمام المسلم في المسجد تختلف عن وظيفة الكاهن في معبد بوذي مثلا فالإمام وظيفته ديمقراطية بمعنى أنه يؤم المؤمنين في أقامه الصلاة بينما وظيفة الكاهن أو الراهب وظيفة مهنية تنحدر إليه بطريقة معينة سلبها وأسسها وشروطها. ذلك لآن الإسلام وقد خلا من الكهنوت ترك الإمامة لأكثر الحضور أهل في إقامة شعائر الدين تجنب بذلك حصر السلطة الدينية في أيدي الخاصة.
ولقد أتبع المسلمون في العصور الحديثة تقليداً يدل على مدى مرونة الإسلام في مجاراته التطور. فأصبحت الإمامة في مساجد لجماعة من الذين تفرغوا لرعاية شعائر الدين على نحو يلائم الحياة اليومية الحديثة التي تتطلب من المؤمنين أن يقوموا بوظائف الحياة الاقتصادية المعقدة فلا تمكنهم ظروفهم من اختيار من يؤمهم في الصلاة كلما دعاهم المؤذن أليها.
ولكن هذا التقليد لم ينف الجوهر الديمقراطي في وظيفة الإمام فهو لا يتميز عن بقية المؤمنين بشيء، ولا تزيد حسنته عند الله مثقال ذرة، ولا يتخذ لنفسه صبغة الاحتكار للشؤون الدينية
والإمام أو الواعظ في الإسلام ليس عمله أن يقيم شعائر الدين بالنيابة عن بقية المؤمنين ولا أن يكون وساطة بينهم وبين الله. فبدون الإمام تقام تلك الشعائر وأقامتها واجبة على كل مؤمن، وإنما وظيفته أن يسهل سبلها بالوعظ والإفتاء والإقامة وأن يشرح لهم ما استعصي عليهم فهمه من أمور الدين؛ فهو إذن لا يتميز عن بقية المؤمنين بمهنة موروثة بمهنة أو درجة معينة فإذا كانت وظيفة حفظة الدين في الإسلام ديمقراطية فإن من واجبها أن تجادل الناس وتثقفهم وأن تستمع إليهم وتد على شكوكهم وتوجيههم توجيها يتفق مع هذه الوظيفة الديمقراطية التي تحفظ التوازن في نطاق المصلحة الجوهرية للأكثرية التي تؤلف الجماعة