للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الدينية.

ومما يزيد في أهمية هذه الوظيفة الديمقراطية لحفظة الدين في الإسلام أن ردهم وإقناعهم ومنطقهم وتوجيههم مستمد من المادة الأولى (القرآن والحديث والقياس والإجماع) التي هي في متناول جميع المؤمنين. فإذا تكلم المفتي أو الإمام أو الواعظ فإنما يردد ما يقرأه عامة المؤمنين صباح مساء في صلواتهم وأدعيتهم وكتبهم الدينية فالدستور الديني في الإسلام ليس رموزاً ولا طقوساً معقدة الفهم والإدراك.

فوظيفة حفظة الدين في الإسلام كوظفية النائب في البرلمان يتقيد بمواد الدستور وينوب عن الشعب في التعبير عنها ومهما أختلف الناس في إصلاح هذا النائب أو ذاك وفي قدرته وتضلعه في معالجة المشاكل فأن الاختلاف لا يمس جوهر الفكرة الديمقراطية التي بعثت به إلى قبة البرلمان.

إذن فالعلاقة بين حفظة الدين والقائمين على دراسة تعاليمه وشروحه وتفاسيرها ووظائفها الاجتماعية وشرحها بين الناس المؤمنين من الرعية هي علاقة متممة بعضها لبعض. وأسسها ديمقراطي؛ وهي لذلك من أهم الدعائم التي تحفظ التكامل اللاجتماغي ومن الأخطاء التي يقع بعض نقدا الدين أنهم ينتقدونه ممثل في بعض حفظته. ومثلهم كمثل من ينتقد النظام البرلماني لفساد بعض النواب وقصورهم وهذا النقد فرق أنه خاطئ فأنه شر يمس صميم التكامل الاجتماعي الذي هو هدف كل حركة إصلاحية، دينية كانت أم سياسية أم اقتصادية

وقد يزداد شر هذا النقد على أسس ذاك التكامل أن يقوم بعض حفظة الدين بتوليه أنفسهم سلطة ديكتاتورية لم تعترف بها العقيدة ولم تشرعها السنة أو السلف الصالح.

وتفادي هذا الشر لا يكون إلا بترقية أساليب النقد ووسائل الرد عليه. وفي عالم تزداد المعرفة فيه يوما عن يوم فإن على الناقد والمنتقد معاً أن يدركا مقدرة الناس على تميز المنطق المخطئ أو المصيب حين تكون تعاليم الدين سهلة ومبسطة واضحة بينة كما هو الحال فالإسلام.

فإذا عجز حفظة الدين عن تسليح أنفسهم بسلاح المنطق العلمي الحديث والمعرفة والعلوم العصرية فإنهم بذلك يسيئون إلى صميم العقيدة الدينية ويبثون في نفوس بعض الناس شكاً

<<  <  ج:
ص:  >  >>