لك شخصية أوربية أثنى عليها (سارتون) في كتابه وادعى أنها كانت تضع ثقتها كلها في صاحبنا الفارابي وتلميذه ابن سينا، أجل قال (سارتون) في ترجمة (البرت الذي ولد عام ١١٩٣م في (لوينجن وتعلم ودرس في ثم علم ودرس في مختلف المدارس الربانية المسيحية في ألمانيا سنة ١٢٢٨م وما بعدها ودرس في باريس من عام ١٢٤٥م إلى عام ١٢٤٨م وكانت مؤلفاته تقوم على مدرسة أرسطو، وكانت نوعا من تفاسير وشروح لما كتبه أرسطو، ولكنه أقحم فيها حشوا كثيرا مأخوذا من الفلسفة الإسلامية واليهودية ومصادر أخرى مختلفة، وزج فيها أيضا ملاحظاته الشخصية يقول (ثارتونا)، إن البرت الكبير وهذا قد اعتمد من شراح فلسفة أرسطو ولتبع بصورة رئيسة خطوات الفارابي وابن سينا وكان على الأغلب لا يرتضي أقوال ابن رشد وابن يهوذا (ابن جبيرول الذي اعتبره من الفلاسفة المسيحيين الذين قاوموا فلسفة أرسطو، وقد مال (البرت الكبير) ميلا قويا إلى فلسفة موسى ابن ميمون واعتمد عليها ولكنه حافظ على استقلاله. وابن ميمون هذا هو الرئيس الحاخام موسى بن ميمون ولد في قرطبة من عائلة يهودية معروفة وأكره بسبب الاضطهاد الديني على مغادرة إسبانيا فذهب أولا إلى فاس ثم إلى عكا ثم إلى القاهرة حيث توطن. وكان مشهورا لا في الطب فحسب بل في الفلسفة والدين ويبالغ اليهود في احترامهم له. وكان ابن ميمون طبيب صلاح الدين الأيوبي ثم طبيب الملك الأفضل وطبيب أشراف الدولة، وقد تراكمت عليه الأشغال حتى كان أحيانا يأخذه التعب فيعالج بعض المرضى وهو مستلق على الديوان. وكانت معظم تأليفه في اللغة العربية وقلما كتب في العبرانية وقد ترجمت كتبه إلى العبرانية ثم إلى اللاتينية أما شهرة موسى بن ميمون فلم تأت من الطب ولكن من محاولته التوفيق بين الاعتقاد والبرهان، وبين الدين والعلم. واتته أيضا من تعاليمه التي وعاها في كتابه (دلالة الحائرين) الذي دون فيه نظراته في تقريب الفلسفة اليونانية والعربية من التعاليم الدينية في زمانه ولهذا اتهمه المعاصرون من خصومه بالهرطقة وسموا كتابه (ضلالة الحائرين) رغماً من أنه كان يشغل أكبر مركز ديني عند اليهود في القاهرة وقد ترجم هذا الكتاب إلى العبرانية ثم إلى اللاتينية وكان ذا أثر عظيم على النظريات الفلسفية في القرون الوسطى وما بعدها حتى أننا لنجد أثر هذه التعاليم في فلسفة (سبينوزا) و (كانت) ونعود إلى صاحبنا الفارابي فنلفت نظرك إلى أن من المأمول