المجتمع يضطهده ويأبى عليه هذا الحق لذنب جناه غيره، ذلك الإنسان هو (اللقيطة) التي قذفت بها الأقدار عقب ولادتها إلى ملجأ اللقطاء حيث نشأت لا تعرف لها أبا ولا أما، ثم خرجت منه بعد أن شبت إلى ميدان الحياة وكانت في الملجأ تعانى شعورها بحرمان الأبوين، فلما أتيح لها شيء من الاستقرار والنجاح في معترك الحياة جعلت تصارع لؤم الناس وسوء نظرهم أليها لأنها لقيطة فقاست ألوانا من الألم والبؤس صبرت عليها في إيمان ثابت يغذيه ويقويه في نفسها (السيد الأمير) وهو رجل من علماء الإسلام مستنير العقل واسع الأفق، كان مبدأ صلتها في المستشفى الذي كانت تعمل ممرضة فيه وكان هو يعالج هناك، ولما يئست هي وخاطبها الطبيب الشاب الذي أحبها وأحبته، من موافقة أبيه الثرى على زواجهما، لجأ إلى السيد الأمير الذي استطاع بقوة وشخصيته الدينية أن يقنع الوالد بأن البنت لا ذنب لها جناه أبواها المجهولان، وكان الحل الأخير أن يتبنى السيد الأمير الفتاة، ويتم الزواج ليس الموضوع - وهو الدفاع عن اللقيط البريء ضد المجتمع الذي يظلمه - ليس هذا الموضوع جديدا، وليس حتما أن يكون الموضوع جديدا، فالعبرة بالمعالجة وطريقة التناول وقد عالجه المؤلف علاجا حسنا، وتناوله من نواح واقعية، وصوره في صورة حية، وربما بينها بخيال محبوك الأطراف وبذلك خرج هذا الفلم عن المدارات المتشابهة التي تدور عليها الأفلام المصرية، وجانب المبالغة التي تعرضها قصدا إلى الإثارة، وليس بهذا الفلم فراغ كالذي يسد في الأفلام الأخرى بمناظر التهتك وعرض المتباذل، ففيه موضوع يشغله عن ذلك وقد أخرج الفلم أحمد بدرخان فأحسن إخراجه، بتنسيق المناظر وتوجيه التمثيل، والمحافظة على ما في القصة من معان أدبية جميلة، بل بترجمة هذه المعاني إلى لغة السينما ووسائلها فجمع مثلا بين مناظر الشروق والغروب وبين خواطر البطلين في الأمل واليأس، وكانت شخصية السيد الأمير موحية بكثير من المعاني الروحية القوية، وكانت وسيلة لمعالجة المشكلة من وجهة النظر الإسلامية
وفى القصة كثير من المصادفات التي استعين بها على تسلسل الحوادث وحبكها، وهي مقبولة لأنها لا تخرج كثيرا عن الواقع، وأرى لهذه الكثيرة أن إظهار الأم مريضة في المستشفى للتعارف هي وأبنتها اللقيطة، وكان صدفة مفتعلة زائدة علي ما أشبعت به القصة من مصادفات، وكان يمكن الاستغناء عن هذا المنظر دون أن يخل ذلك بمجرى الحوادث.