أشرت في الأسبوع الماضي إلى المحاضرة التي كان مقررا أن يلقيها الأستاذ أحمد الشرباصي في الجامعة الشعبية، عن كتاب (التصوير الفني في القرآن) للأستاذ سيد قطب. وحالت بعض الظروف دون إلقائها. وأذكر الآن أن الأستاذ ألقى هذه المحاضرة في جمعية الشبان المسلمين يوم الثلاثاء الماضي. أستهل المحاضرة بمقدمة عن سوء التفاهم بين الرجال الفن ورجال الدين، ولتمسك الأولين بالتحرر والانطلاق والتزام الآخرين التزمت والتقيد، وقال إن كلا منهما يغالي في طرفه، ولو أن الفريقين تركا هذا التغالي لالتقيا عند هدفهما الواحد وهو طلب الجمال الروحي وعد المحاضر كتاب (التصوير الفني) أول عمل صريح في سبيل ذلك الهدف، وقال إن المؤلف هو أول من كشف عن القاعدة التي بني عليها كتابه، وهى أن التصوير هو الأداة المفضلة في أسلوب القرآن فهو يعبر بالصورة المحسسة المتخيلة عن المعني الذهني والحالة النفسية، وعن الحادث المحسوس والمشهد المنظور وعن النموذج الإنساني والطبيعة البشرية ثم يرتقى الصورة التي يرسمها، فيمنحها الحياة الشاخصة أو الحركة المتجددة ثم أتى المحاضر بأمثلة من الكتاب تطبيقا لهذه القاعدة ومما قاله أن بعض الناس أدعى انه سبق المؤلف إلى هذا الموضوع وهى دعوى مردودة لأن الأستاذ سيد قطب كتب مقالا - قبل إخراج الكتاب - في مجلة المقتطف بعنوان (التصوير الفني في القرآن) سنة ١٩٣٨ أي في الوقت لم يكن أحد فيه قد كتب شيئا متصلا بهذا الموضوع
ثم أبدى المحاضر بضع ملاحظات تتلخص فيما يلي:
١ - تمنى لو أن المؤلف كتب فصلا عن معنى كلمة (التصوير) وكلمة (الفني) بالنسبة للقرآن لأن الاصطلاح جديد.
٢ - قال إن المؤلف كان يعيب على الرافعي أسلوبه لأنه يعبر بالصورة الحسية عن المعاني الذهنية، على حين أنه يثني على هذه الطريقة في تعبير القرآن.
٣ - ذكر أن المؤلف أستعمل تعبير (سحر القرآن) وتمنى لو أنه أستخدم بدلا منه (جاذبية القرآن) أو (روعة القرآن) لأن السحر في الأغلب بدل على المعنى الخداع والتغرير، وهو الذي كان يقصده الكفار حين وصفوا به القرآن الكريم.