للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كتبها ثم قال: (لا كتاب مع كتاب الله)

وروى حافظ المغرب ابن عبد البر والبيهقي في المدخل عن عروة: أن عمر أراد أن يكتب السنن فاستفتى أصحاب رسول الله في ذلك - ورواية البيهقي - فاستشار فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهرا ثم أصبح يوما وقد عزم الله له فقال: إني كنت أريد أن أكتب السنن وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله - (وإني والله لا أشوب كتاب الله بشيء أبدا) ورواية البيهقي (لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا)

وروى الحاكم عن عائشة قالت: جمع أبي الحديث عن رسول الله فكانت خمسمائة حديث فبات يتقلب - قالت فغمني كثيرا فقلت لشكوى أو لشيء بلغه! فلما أصبح قال: أي بنية، هلمي الأحاديث التي عندك، فجئته بها فأحرقها وقال: خشيت أن أموت وهي عندك فيكون فيها حديث عن رجل ائتمنته ووثقت به، ولم يكن كما حدثني فاكون قد تقلدت ذلك. زاد الأحوص بن الفضل بن عنان في رواية: أو يكون قد بقى حديث لم أجده فيقال: لو كان قاله رسول الله

والأخبار في ذلك كثيرة جدا لا نستزيد بإيرادها كلها رغبة الصحابة عن رواية الحديث ونهيهم عنها:

إذا كانت الآثار الصحيحة قد جاءت في نهي النبي (ص) عن كتابة حديثه، والأخبار الوثيقة قد ترادفت بأن صحابته رضوان الله عليهم قد استمعوا إلى نهيه، ولم يكتبوا حديثه بعد موته، - كما علمت مما مر بك - فإنا نجد هؤلاء الصحابة كانوا يرغبون عن رواية الحديث بل كانوا ينهون عنها! وأنهم كانوا يتشددون في قبول الأخبار تشديدا قويا.

روى الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ قال ومن مراسيل ابن أبي مليكة أن أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال: إنكم تحدثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد اختلافا؛ فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه. وروى ابن عساكر عن عبد الرحمن بن عوف قال: والله ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله فجمعهم من الآفاق - عبد الله بن حذيفة وأبا الدرداء وأبا ذر وعقبة بن عامر - فقال: ما هذه الأحاديث التي أنشيتم عن

<<  <  ج:
ص:  >  >>