ومشت فخف بها الصبا فتمايلت ... مرحاً فاجهد خصرها الردفان
جال الوشاح على معاطفها التي ... قعدت وقام بصدرها النهدان
تستعبد الحر الأبي بمقلة ... دب الفتور بجفنها الوسنان
ومنها:
لم أنس في قلبي صعود غرامها ... إذ نحن نصعد في ربي لبنان
حيث الرياض يهز عطف غصونها ... شدو الطيور بأطرب الألحان
لبنان تفعل بالحياة جنانه ... فعل الزلازل بغلة الظمآن
نراه هنا نتمشى مع الطبيعة جنبا إلى جنب، فيعطيها نصيبها الوافر من الإبداع والتشبيه، مع خيال شعري سليم، وموسيقى شجية، ليس فيها أي تكلف مصطنع، بل جاءت فريدة من صميم نفسه الشاعرة المراهقة.
وقوله لاستغلال مادة الطبيعة في بساطة ساحرة:
البحر رهو والسما صافية ... والفخت في الليل شبيه السديم
والبدر في طلعته الزاهية ... قد ضاحك البحر بثغر بسيم
والصمت في الأنحاء قد حيما ... فالليل لم يسمع ولم ينطق
والبدر في مفرق هام السما ... تحسبه التاج على المفرق
أغرق في أنواره الأنجما ... وبعضها عام فلم يغرق
والبحر في جبهته الصافية ... قام طريق للسنا مستقيم
لم تحف في أثنائه خافية ... حتى ترى منه اهتزاز النسيم
تلك هي قصيدته (محاسن الطبيعة) التي أجاد في صياغتها وتوشيحها، فكانت طرفة خالدة من طرائفه الفنية النفسية!. يصف فيها سكون البحر وهدوئه، والليل وصمته، تظللهما سماء جلواء صاحية الأديم؛ وقد وثب القمر في طلعة مشرقة وضاءة، ليداعب البحر في فرحة ومسرة، وكأنه تاج من سنى الضياء، على مفرق السماء!
وقوله:
أنظر إلى تلك المعلقة التي ... سترت ظلام الليل بالأضواء
قطع من البلور محدقة بها ... يحكين شكل أصابع الحسناء