للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المؤنث في الجمع فيكون جمع مذكر إذا كان فيه ولو رجلا واحدا مهما كان عدد النساء. . .؟ ثم أجيب عن هذا السؤال بأن هناك اعتبارا آخر سوغ تغليب التأنيث، وهو أن المتحذلقتين هما الأصل والحذلقة فيهما لازمة، أما المتحذلقان فقد اصطنعا الحذلقة لتدبير مؤقت يظهر في متابعة المسرحية.

ولا تحسبن أنني قدمت هذا التحذلق النحوي عبثا. . . فهو يشبه موضوع المسرحية مع فارق واحد، هو أن هذا النوع النحوي خشن غليظ، أما الحذلقة التي شهدناها على المسرح ففيها تأنق وتظرف وتنعم وكل (تفعل) من هذه المعاني يرجع في أصله إلى التكلف، طلبا للشهرة واسترعاء الأنظار. . .

(كاتوس) و (مادولون) فتاتان نشأتا في الريف ثم قدمتا إلى باريس وقد امتلأ خيالهما بما يسمعان عما يجري في مدينة الحب من مغامرات وما يسود مجتمعاتها من رشاقة الحركات وحسن اختيار العبارات، فهما تعترضان على أبيهما (جورجيبوس) إذ يناديهما: كاتوس؛ مادلون. . . هذا وتطلبان أن يخاطبهما بإسمين من أسماء التدليل الناعمة بدلا من هذين الاسمين القديمين وتوبخان الخادمة لأنها تطلب الإذن لزائر بعبارات عامية وإنما يجب أن تستأذن في عبارة أدبية عالية، وكأن تقول: هل من المستطاب يا سيدتي في هذا الوقت أن تستقبلي المركيز. . . وعندما تريدان التزين تطلبان من الخادمة (مستشارة المحاسن!) وتحار الخادمة. . ولكنها يجب أن تتعلم أن مستشارة المحاسن هي المرآة. . .

ويتقدم لخطبة الفتاتين شابان طبيعيان: ليسا من أهل الحذلقة، فتقابلانهما بفتور وإعراض واحتقار. ويضيق بهما أبوهما (جورجيبوس) ويسألهما عن سبب إعراضهما عن الشابين، وهنا تلقى المتحذلقتان درسا ممتعا عن الحب والزواج، إذ يجب أن يبدأ الشاب بالغزل الرقيق وإنشاد الشعر العالي ثم يذهب بفتاته إلى الأركان الهادئة بالحدائق، ويتخلل ذلك تأوهات وتنهدات. . . وأخيرا يصارحها برغبته في الزواج، أما المصارحة بطلب اليد من أول الأمر - كما صنع الشابان - فلا تليق إلا بالصفقات التجارية التي لا تحسن بأهل الظرف والكياسة. . .

ويغتاظ الشابان من مسلك الفتاتين تجاههما، فيدبران أمرا. . . ثم يظهر على المسرح (المركيز ماسكريل) و (الفيكونت جودليه) في زيارة الفتاتين المتحذلقتين، يدخل (المركيز)

<<  <  ج:
ص:  >  >>