ومهما يكن من شيء فقد حقق الفلم غايته وصور ذلك الجو الذي قصد إليه أبدع تصوير وأروعه، وكان جهد المخرج والممثلين في ذلك ظاهرا رائعا، فمناظر الفلم وحركات الممثلين فيه وقوة تعبيرهم تنقل المشاهد إلى زمان الأحداث وأماكنها، وتشعرهم جلالها وروعتها، وخاصة مناظر التعذيب التي تبدو فيها الأجسام تعذب والوجوه مطمئنة إلى ما وعد الله، لا يظهر عليها أي أثر للألم، وقد مثلت غزوة بدر وصورت في صدق وروعة من حيث تنظيم الصفوف والمبارزة ثم الاشتباك ورمي السهام من الأقواس. . . الخ.
ذلك، ولم يكن من اللائق في هذا الفلم أن تظهر راقصتان في بعض أندية قريش، ترقصان على نحو لا يتفق وجو الفلم والغاية التي يرمي إليها، وهو فلم نظيف فلا تتفق نظافته مع هذا الرقص. على أن المنظر لم يكن موفقا أيضاً من ناحية الصدق الواقعي التاريخي، فهو رقص مصري عصري، وزي الراقصتين كذلك مصري عصري لا يميزه عن المصرية العصرية إلا السراويل.
وثمة ملاحظة أخرى وأخيرة، وهي أن الممثلين لم تكن تتغير سيماهم في الأعمار المختلفة، وخاصة كوكا في دور سمية، فقد كانت هي إياها تقريبا في شبابها وشيخوختها، وكذلك كانت نضارة الشباب على وجه ياسر وهو في شيخوخته، حتى لقد كان أنضر من ابنه عمار. .
وبعد فإن هذا الفلم يكفر عن فن السينما ويضع كثيرا من أوزاره، ونرجو أن يكون ظهوره فارقا بين عهد جاهلي قديم وبين مستقبل جديد قويم.
تأبين عبد العزيز فهمي باشا
أحتفل مجمع فؤاد الأول للغة العربية بتأبين المغفور له عبد العزيز فهمي باشا يوم السبت الماضي بدار الجمعية الجغرافية الملكية. وكان خطيبا الحفل معالي الدكتور طه حسين باشا وسعادة الدكتور عبد الرزاق السنهوري باشا.
تحدث الدكتور طه حسين باشا عن الفقيد العظيم محللا جوانب شخصيته ونواحي حياته المختلفة، ومما قاله معاليه: كان تلاميذه وأصدقاؤه يظنون أنه مخلد، وكانت قوة قلبه وعقله تعينهم على هذا الظن، فقد شاخ جسمه ولكنه ظل شاب العقل والقلب. كنا نسعى إليه حين