الله. . فهذا هو الموكب قد حان وقت خروجه، موكب العيد. . عيد الإله العظيم. . الذي لا ريب أن يرحمك اليوم. . ويعطف عليك. . ويشفيك من مصابك الأليم. .
هيا انهض يا ولهلم. . ها هي الموسيقى قد ارتفعت في الأجواء. وأخذت تشنف الآذان. . ها هو ذا الموكب يقترب من الشارع. .
وشعر ولهم كأن قوة خفية توغلت بنفسه بعد ما أنصت لحديث أمه فتحامل على نفسه وجمع فلول قوته. . واستند إلى ذراع أمه. . وخرج برفقتها من البيت. بيتما كانت الشمس تتهادى في صفحة السماء وهي تلقي على الطبيعة أشعتها الناعمة كأنها توقظ الكون وتبعث فيه الحياة من جديد.
كانت الأعلام المقدسة تتراءى من بعيد وهي تخفق وتترنح في الفضاء كأنها تحيي الجماهير المحتشدة المتحمسة لهذا اليوم العظيم. . فقد غادرت منازلها وخرجت إلى الشارع زرافات ووحدانا وأخذت ترتل الأناشيد بينما كانت الموسيقى تصدح مرافقة أصواتهم فتمتزج بها في الفضاء وتسير مع الأثير إلى أن تستقر أخيرا في آذان الجماهير فتبعث فيهم روحا فياضة بالنضال والكفاح والأمل. وأبت أفواج العذارى الطاهرات إلا أن تشارك الموكب كعادتها لتنثر الورود والزهر على الناس وتوزع الابتسامات العذبة عليهم. .
انه يوم العيد. . يوم فريد في حياة الأمة. . بل في حياة ولهلم المسكين. وفي حياة هؤلاء العجزة والمرضى الذين ابتاع كل فرد منهم شمعة من كاهن ثم أوقدها وتأهب لغرسها في الحوض الرملي الواسع الذي أقيم في الساحة الكبرى تجاه هيكل الإله العظيم. .
ٍكانت الأم تشق طريقها بين الجموع الزاخرة بعدما ابتاعت شمعة ناصعة البياض وقدمتها إلى وحيدها وقالت له:
خذ يا ولهلم هذه الشمعة. . وأوقدها ثم اغرسها في الحوض الرملي تجاه الهيكل العظيم. . ثم صل هناك، وابتهل إلى الله واجث أمامه فلا بد من أن يستجيب لك فيشفيك من سقمك. لا بد يا بني في هذا اليوم الأغر. . في هذا اليوم المقدس من أن تظهر المعجزة. . معجزة من معجزات الإله الرائعة. . فيريحك من عذابك وينقذك من مرضك. . وتناول ولهلمالشمعة من يد أمه شاكرا لها صنيعها وأرشادها وانطلق بها صوب الهيكل. . فأوقدها وغرسها في الحوض الرملي الواسع كما أشارت عليه أمه. . وجثا على الروض