الجائز أن يفعل مفكرون يونانيون غير من عرفهم هيرودوت هذه الفعلة إزاء نظريات أخرى، فعليهم أن يعنوا بالكشف عن الآثار ودراستها، فلعلهم واصلون إلى أدلة أقوى من التي بأيدينا. الآن مما يزيدنا يقينا بقوة الصلة بين مصر واليونان، فإن المؤلفين الغربيين والشرقيين لم يتأكدوا من آثار مصر في اليونان، بل إن بعضهم لم يذكرها ولم يشر إليها إلا بعد أن ظهرت هذه المكتشفات العظيمة التي أكدت قوة هذه الصلة وعمقها.
نعود إلى فيثاغورس وجماعته فنقول إن الفيثاغوريين قد تأثروا أيضا بكتاب الموتى فقد اكتشف الباحثون أنهم كانوا يضعون في قبور موتاهم صفائح ذهبية رسمت عليها الطرق التي يجب على الروح أن تسلكها بعد الموت وكتبت عليها الصلوات التي تتلوها. . مما يشبه ما جاء في كتاب الموتى!
أما (ديمو كريت) فيلسوف الذرة (فقد كان من أهم الأسفار التي أثرت في حياته العلمية إقامته بمصر التي يحدثنا هو أنها استغرقت خمسة أعوام كاملة قضاها كلها في تلقي علم الهندسة على علماء وادي النيل) كما يصرح بذلك الأستاذ (جانيه).
(وأفلاطون) أيضا قد زار مصر، واتصل بعلمائها، وتأثر بهم، فقد قال العالم شمبوليون:(تعلم فيثاغورس بمصر كل ما استطاع معرفته، وتعلم بها أيضا سولون وطاليس كل ما علماه لليونانيين، ومعروفة لدينا أسماء الأساتذة الذين تلقى عنهم أفلاطون علمه بمصر في مدرسة هليوبوليس).
أما الأستاذ (جول بابي) فإنه بعد أن يذكر أن فيثاغورس قد وضع نظريته في تناسخ الأرواح اقتباسا من مصر، يحدثنا بأن أفلاطون أيضا قد أخذ كثيرا من مصر، ثم بعد أن يعدد ما أخذه ذلك الفيلسوف العظيم عنها ويبين أثر ذلك في فلسفته يختتم كلمته قائلا:(وهذا كله مأخوذ من مصر، وكان من الضروري أن تجد الفلسفة الأفلاطونية - والأفلاطونية الحديثة - تربة صالحة لهما في مصر لأن جذورهما مصرية). ويذكر أيضا (جول بابي) أن كثير من مفكري اليونان قد زار مصر وتأثر بمعارفها، فإنه بعد أن يشير إلى ما اقتبسه اليونانيون من المصريين في مصير الإنسان بعد موته، وبعد أن يقرر أن المصريين هم أساتذة العالم في هذا الموضوع يقول: (وكان كثير من اليونانيين المشهورين يفتخرون بأنهم ساحوا في مصر، وكان تلاميذ هؤلاء العلماء والمعجبون بهم يرون شرفا لهم أن يكونوا قد