علمني الأستاذ عبيد كيفية الاستعارة وسرنا بنظام جيد، ثم انتهت كراسة الاستعارة فسطرت غيرها، وخصصت لكل واحد من التلاميذ صحيفة تحمل اسمه ورقمه، وطلبت من المدرس أن يختار أميناً غيري فقال: إن الشخص الذي يحبه الناس يجب أن يدفع ثمن هذا الحب من راحته. فقلت له: إني تعبت جداً فقال لي: لا تتعجل وتحدث في هذا مع زملائك أولا. ولكني ما زلت مصرا على الاستقالة) وعنوان الموضوع (هذا ذنبي) وهو ذنب نرجو أن يكثر الله منه بين كبار الرجال. . .
وقال لي تلميذ إنه كتب في المجلة (العدد الذي تحت الطبع)(مناظر مؤذية) منها (بوليس المدرسة الذي يأتي مثل ما ينهى عنه) وقد داخلني الإشفاق على المدرسين من عيون هؤلاء التلاميذ. . أخشى أن تقع أنظار هؤلاء على أساتذتهم وهم يتخاطبون بالعامية، فلا يكون هناك منظر أشد إيذاء من هذا المنظر!
ولا يخفى علي أن بنفسك سؤالا هو: هل كل المدرسين في المدرسة يتحدثون إلى التلاميذ باللغة العربية؟ الواقع أن مدرسي اللغة العربية يحرصون على ذلك كل الحرص، ويجتهد باقي المدرسين أن يسايروا هذا الجو، ولكن بعضهم - مع الأسف لا يحسن التكلم بالعربية، فقد حدث مرة أن أراد أحدهم أن يبدي للتلميذ استحسانه فقال (لم بطال!) فيا ليت الوزارة تتنبه إلى هذه النقطة عند اختيار المدرسين لمثل هذه المدرسة
وبعد فمن الواضح أن أول ما يلاحظه المرء على أولئك التلاميذ الصغر الواعد. . والرجولة المبكرة. وأرى أن هذا يرجع إلى الطريقة التربوية وهي (طريقة المشروع) التي يسيرون عليها، وإلى اللغة الفصيحة التي تحملهم على التفكير، وكأنها حين تجري على ألسنتهم تستحث القوى المفكرة، ثم هي تكسبهم سمتا يدعو إلى الاحترام والإعجاب
ويا ليت لمصر جبلا من هذا الطراز! لقد اتفقوا على أن خير طريقة لترقية المجتمع المصري أن يتعلم الشعب ويعرف حقوقه وواجباته، فهل يتاح للشعب أن يتعلم مثل ما يتعلمون؛ ويستنير كما يستنيرون؟
إن لهذه المدرسة أختاً واحدة فقط هي مدرسة الأورمان بالجيزة وليس في البلاد كلها من هذا النوع غيرهما، وهما تسيران على تلك الطريقة في السنوات الأولى والثانية والثالثة، فإذا وصل التلاميذ إلى السنة الرابعة ساروا على المنهج العام ليدخلوا امتحان الشهادة الابتدائية،