جماعات طويلة يقودها رجال من نجد يلهجون بلغة بدوية، ولهم مصطلحات في أنواع الإبل وجماعاتها وسيرها وركبها، ولا يزال تجار الجمال في فاقوس وبلبيس يستوردونها من الشام رغم قيام إسرائيل بين مصر وجزيرة العرب، وهم يجمعون الثروات من ذلك
وأقول أنني معجب بطريقة الدكتور محمد حسين في الشرح والتعليق، وأكثر من ذلك أعجب بحله لأشعار الأعشى نثراً وأمام كل بيت، أن هذا المنهج إذا أتبع مع دواوين الشعر لجعل الأدب العربي تحت متناول الناس جميعا: ولذا فمنهج الأستاذ فتح كبير للأدب العربي، ويذكرني هذا بما قرأته في كتاب المثل السائر حين يقول صاحبه:(ولقد مارست الكتابة ممارسة كشفت لي عن أسرارها. . . فما وجدت أعون الأشياء عليها إلا حل آيات القرآن الكريم والأخبار النبوية وحل الأبيات الشعرية)
ثم ذكر أن حل الأبيات الشعرية ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول - أن يأخذ الناثر بيتا من الشعر فينثره بلفظة من غير زيادة
الثاني - وسط بين الأول والثالث
الثالث - أن يؤخذ المعنى فيصاغ بألفاظ غير ألفاظه، ثم يتبين حذق الصائغ في صياغته، ويعلم مقدار تصرفه في صناعته
ثم ساق أمثلة كثيرة على ما يقول. .
وأكرر قولي بأني أعجبت أيما إعجاب بما قام به الأستاذ الدكتور محمد حسين من حل أبيات ديوان الأعشى. فأي طريقة من الطرق الثلاث اتبع؟ أغلب الظن أنه أخذ بالثلاثة منهاج
ولا أخفي على القارئ أنني بدأت القراءة في شعر الأعشى بنثر الأستاذ الدكتور محمد حسين، ولا أبالغ إذا قلت في أن محاسن شعر الأعشى قد بدت في نثر الأستاذ قبل أن أقرأ النظم، بل أن شاعرية الأعشى تضاعفت في ذهني لدى قراءة شعره بعد أن استحضرت المعاني في نثر الأستاذ الشارح، وهذا ما أقول عنه أنه فتح جديد، وتمهيد لدراسة الأدب العربي، وجعله تحت متناول شعوب العرب، وهم ملايين الناس قد انقطعت الصلة بينهم وبين ماضيهم وتراث أسلافهم، فعمل الدكتور إذا سار فيه وقدر لغيره أن يسير على منهاجه، وأن تطبع دواوين الشعر وما جاء في كتب السلف على هذا النحو، سيهز العربية