فقالت: (على العكس. . . إني شاكرة لك نجدتك، ولولاك لصار الثوب في يدي هلاهيل. . . فأنا مدينة لك. . .)
فرفعت عيني إليها فإذا بها هي التي سلقتني على المائدة بلسانها وحرمتني لذة الطعام وأنا جائع أتضور، فارتددت عنها مقدار خطوة وندت عن صدري آهه مخنوقة:
فقالت وهي تدنو مني: (ماذا بك؟) ورأتني أتكلف الابتسام فقالت: (بالدور. . . أنت مرة وأنا مرة)
فقلت: (لا شيء. . . لا شيء. . .)
فألحت (ولكن ماذا بك؟)
قلت: (أوه. . . لاشيء، لم أكن أحسب أنك أنت. . .)
فقالت مستغربة (ولكن بالطبع أنا أنا. . .)
قلت: (طبعاً. طبعاً. إني سخيف)
قالت: (هل تعرفني؟)
قلت: (أعرفك؟ الجواب نعم ولا)
قالت: (كيف يمكن هذا؟ ماذا تعرف عني؟)
قلت: (أقل مما تعرفين عني)
قالت: (لا مؤاخذة، ولكني لا أعرف عنك شيئاً)
قلت: (صحيح!؟)
قالت: (بالطبع صحيح! إني لم أرك إلا الساعة)
فتشهدت وأنحط عن صدري حجر، وقلت: (الحمد لله!، يا ما أكرمك يا رب!)
فقالت: (ولكن لماذا تتكلم هكذا؟ لست أفهم شيئاً. . .)
قلت: (أحسن)
قالت: (هل معنى هذا أنك تخشى أن أعرفك؟)
قلت: (جداً جداً جداً!)
فضحكت وقالت: (هل أنت مجرم هارب؟)
قلت: (شر من مجرم، بودي لو أستطيع الهرب ولكن إلى أين؟ كلا. لست مجرماً ولكني