للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال آخر: لا تنسوا أيها الرفاق أن تضعوا في حسابكم مماليك جانبلاط، ومماليك قصوره. فان سخطهم الشديد على العادل يسبب فتكه بسيدهم، نستطيع استغلاله لقضيتنا. فاعملوا على ضم صفوفهم إلى صفوفنا. وادعوا إلينا كل نافر من ظلم العادل وجوره. . .

قال آخر: إذا انصرفتم أيها الرفاق، فليكن كل منكم على حذر، وليكتم الآمر جهده، حتى يتم تدبير جميع أطرافه. وقد يبعث العادل في طلب أحد منا - ومناسبات الاستدعاء كثيرة في هذه الأيام - ثم يقبض عليه ويبطش به. فلنكن إذاً على حذر. . .

أنقض هذا المؤتمر وأنصرف أعضاؤه إلى تدبير الأمر حسبما اتفقوا. بينما كان السلطان العادل قد أهمه أمر المختفين من الأمراء، وأثقل على الناس بالبحث عنهم. وساءت ظنونه في عدد آخر من الأمراء والمماليك. فقعد يدبر وسيلة للبطش بهم والقضاء عليهم.

وفي أحد الأيام كان القراء يختمون البخاري في القلعة، وبهذه المناسبة أقيم حفل أزدان بمن فيه من العلية والرؤساء، ومنهم قضاة الشرع وعدد من الأمراء.

حينذاك أرسل الملك العادل في طلب الأمير قانصوه الغورى والأمير قيت الرجى، ليتم بهما عقد الحفل ونظامه. فلم يلبيا الدعوة، وأحسا بما يكمن فيها من الغدر، وشعرا أن الفرصة حانت للصراع.

أسرع الغورى وقيت إلى الاجتماع بأعوانهما من أمراء وجنود، وأذيع بينهم جميعاً أن السلطان العادل قد اختار فرصة العيد للتنكيل بهم جميعاً. فليدافع كل فرد منهم عن حياته ضد المعتدي الأثيم.

ثارت ثائرتهم وتجمعت أحشادهم، ووفد كل أمير بخاصته من جنده.

وفي يوم الأحد آخر رمضان؛ شهروا سيوفهم؛ وشرعوا رماحهم؛ ولبسوا دروعهم؛ وركبوا جيادهم؛ واستعدوا للنزال.

وقد انحاز إلى جانبهم جملة من الناقمين وعدد غير قليل من الأمراء الهاربين والمختفين، وزحفوا إلى القلعة وفيها العادل. .

وأهاب العادل بأمرائه وجنوده أن يجتمعوا بباب السلسلة، فأجتمع عدد قليل منهم طراباي الشريفي، وأنس باى، وقرقماس، ومعهم جملة من المماليك السلطانية. فوقع بين الفريقين صدام يسير ثم انحاز كل عن غريمه. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>