وجاء عن (الليث) (فلان كثير البنود كثير الحيل) وجاء في كتاب (حاشية التحفة) للشيخ عمر البصري أن البند (يطلق على المحابس التي تجعل بين حبات السبحة ليعلم بها على المحل الذي يقف عنده المسبح.) وقال القاضي الأديب محمد الهاشمي البغدادي (البند ضرب من الكلام المسجع الموزون أشبه بما نسميه في هذه الأيام بالشعر النثري، وبعض أساجيعه آتية على وزن بحر (الهزج).
يتلخص لنا منكل هذه التعاريف التي أوردها أهل اللغة والأدب من عرب ومستشرقين، ومن قدماء ومعاصرين أن لفظة (البند) فارسية معربة وأن معانيها العلم والعقد والربط ونوع من الألاعيب، وحيل الفكر. . وكل هذه المعاني المختلفة المنطبقة على هذه اللفظة لا تهمنا في هذا الموضوع، ولكن الذي يهمنا معنى الكلمة وهو هذا النوع الطريف من الشعر العربي، المأخوذ من الشعر الفارسي، والذي يأتي (كله) على بحر الهزج، وهو:
مفاعيلن مفاعيلنمفاعيلن مفاعيلن
ولا يأتي بعضه فحسب، على ما يقول الأستاذ الهاشمي، ولكن ضرب البيت الثاني منه يأتي مطرداً. . . وهنا بعد أن ذكرنا لك هذه النبذة عن منشأ البند وسبب وجوده وانفراد العراقيين، به لابد وأن نذكر لك نموذجا لتتذوق هذا النوع الشعري الطريف، وهذا النموذج هو وصف حصان عربي أصيل لحد شعراء (الحلة) المجهولين، قال:
أيا مرتقياً سرج جواد ... من جياد الخيل جماح
رباعيا من الصخر في ... غرته النجم إذا لاح
طويل العنق والساق ... سريع الخطو سباق
قصير الأذن والظهر ... وسيع العين والجهة والصدر
فلا الريح يباريه إذا غار ... ولا السهم يجاريه إذا سار
ولا الطير يحاذيه، وإن طار
ولا يسبق إن مر ... ولا يلحق إن فر
ولا يصعبه الحر ... ولا يتعبه السكر
والشاعر يمضي في بنده هذا واصفاً حصانه هذا الوصف الفني البليغ، حتى يصل (بغداد) من (الحلة)، فيمدح واليها سعيد باشا وكانت ولايته في بغداد سنة ١٢٢٨ هجرية وهو كما