للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بهذا أو بذاك بالنسبة إلى وجود الغايات النبيلة أو انعدامها فيمن يملكها. ومن الضروري في هذا المقام أن نوضح أن إقبالاً لا يدعو إلى التهور أو الثورة المرتجلة التي لا تتعدى الإضراب عن العمل وتحطيم عربات الترام وما إلى ذلك من اعمال الهدم والتخريب، لا بل هو يدعو إلى إعداد القوة بالطرق العلمية والفنية - (بالتسلط على قوى الفطرة) بعبارته هو - أي بنفس التي هي الميزة الكبرى للحياة الغربية والتي هي أوثق صلة بنبوغ الغربيين من الزي الغربي والحروف اللاتينية واستباحة الرقص والخمر. ولا يخفى أن هذا الطريق الذي يدعو إليه إنما هو طريق شاق طويل يحتاج إلى التأني والصبر والجلد، ولذلك نراه ينبري في أشد الأوقات حرجاً ف يبالي بأن تهمة أحد بممالأة المستعمر وينصح مواطنيه (بإبقاء الطرب على فم الدن حتى يدرك الخمر النضج) أي بالتريث ومواصلة العمل إلى أن يستكملوا العدة. وخلاصة القول أنه كان يدعو إلى إعداد القوة التي تكفل الإنشاء والتعمير وخلق الأوضاع الجديد، لا إلى مظاهر قوة التخريب وإلحاق بعض المتاعب بالمستعمر التي هي بمثابة ما تلجأ المرأة الناشز من زوجها في بعض الاحيان ليس إلا.

ولا يصعب أننستنتج مما سبق نظرة إقبال إلى المحاولات التي بذلت ولا تزال تبذل التنظيم الأمن الدولي، فهو الذي قال عن عصبة الأمم البائدة إنها (منظمة أقامها بعض لصوص الأكفان لتقسيم القبور فيما بينهم) وقال عنها أيضاً إنها (حظية الإفرنج العجوز تعتمد على تمائم إبليس لبقائها لبعض الوقت) - ونظرة إقبال هذه مبنية على انه لا يرتاح أبداً إلى القوة، سواء أكانت تلك القوة قائمة على السيف والرمح أم القنبلة الذرية، في يد من ليس عنده وداع من الإيمان بالقيم الأخلاقية والمثل العليا وهو أيضاً يرى أن لا خير يرجى للإنسانية من أية محاولة للتحديد والإشراف على وسائل القوة لأن الذي يضمر الخبث يعكر صفو المن ولو بدون أسلاح، بل الخير كل الخير في أن تجتمع القوة المادية والإيمان بالمثل العليا في أمة أو أمم من العالم حتى نزجر بالقوة من تلقاء نفسها عن التمادي في الطغيان، وفي الوقت نفسه تكون تلك القوة ضماناً لنشر وتقوية المثل العليا في العالم، وحفظها من أن تنهك على يد أي طاغية أثيم.

ثم يعبر إقبال عن رأيه الذي وصل أليه لا عن طريق التعصب للعقيدة التي ورثها عن أبيه، بل عم طريق البحث العلمي والفكر الفلسفي، من أن الامة الإسلامية هي التي تمتاز

<<  <  ج:
ص:  >  >>