وشوارعها متسعة. وأول من عمر أم الشمالية حكومة المهدية، أما جنوبها فكان حلة صغيرة قائمة في سهل فسيح رملي لا شجر فيه، وكان يسكن هذه الحلة الأهلون من (الفتيحاب) وهم سكان الخرطوم الأصليون كذلك، وكانت لهم منازل متفرقة على شاطئ النيل الأبيض الغربي، والفتيحاب من قبائل الجموعية، وهم وإخوانهم من الجيعاب، والسروراب، والجعليين والميرفاب، والرباطاب، والشايقية، ينتسبون إلى العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه. وقد استولى المهدي على أم درمان سنة ١٨٨٥م ولما جاء الخليفة التعايشي حبب الى الناس السكنى فيها، فبنيت الدور، واتسع عمرانها. وكل منازلها طبقة واحدة إلا النادر القليل، وفيها مبان كثيرة بالحجر على النظام الحديث، وقد كان سكان المدينة قبل المهدية ٤٠٠ ألف نسمة، ثم تناقص هذا العدد إلى ٢٥ ألف سنة ١٩٠٣، أما عدد السكان - الآن آخر إحصاء - فهو نحو ١٣٧ ألف نسمة.
ويخترق أم درمان شارع طويل يسير فيه الترام يبتدئ من الجسر الفاصل بينها وبين الخرطوم، وينتهي في الجانب الشرقي منها حيث يسير قليلاً على النيل. أما غربها وشمالها فصحراء لا نبت فيها ولاماء. ويقع جبل كرري المشهور في التاريخ شمالها، والهابط منه إلى المدينة يأخذ في شارع يسمى بهذا الاسم أيضاً.
وفي أم درمان مدارس حكومية وأهلية، وسطى، وثانوية، وأولية، فيها مدارس الأحفاد، وهي مدارس ذات فضل لا ينكر على السودان، والمدرسة الأهلية، وفيها مدارس الراهبات للبنات وهي روضة وابتدائي وثانوي. وبهذه المناسبة أذكر أن السودانيين غير متحمسين كثيراً لتعليم البنت. وفي ظاهر أم درمان من الناحية الغربية يقوم بناء المعهد العلمي، وهو معهد منذ أربعين سنة تقريباً، وكانت الدراسة في مسجد أم درمان الكبير وانتقلت قريباً إلى الدار الجديدة، وفي المعهد الآن نظامان: نظام قديم، ونظام جديد تشرف عليه الحكومة أشرافاُ كلياً، تضع له المناهج، وتعي المدرسين، والمعهد ابتدائي وثانوي وعالي، ومنه يتخرج حاملو الشهادة العالمية على نظام الأزهر القديم، وهم يؤدون الآن مهمتهم في السودان بجدارة وإخلاص، ويراد أن يكون في المعهد - بعد الثانوي - كليات، على نظام كليات الأزهر، ولا تزال المعاهد في الأقاليم ترتبط بهذا المعهد ارتباطاً، وفي هذا المعهد يقول الشاعر التيجاني يوسف بشير: