للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الاستنتاج الخاطئ الناتج عن سوء ٍالاجتهاد والانفعال النفساني العليل، والمعرفة المشوهة التي يحملها ذلك الشعب عن الحقائق التاريخية والاقتصادية والسياسية للشعوب الأخرى؟

وهذا بمعنى آخر - محاولة للتعرف مثلا على مبلغ الصدق فيما تدعيه دولة أو شعب ما بأن خصمه مجبول على العنف والغطرسة، وأن الحقد والدسيسة من خصائصه الخلقية الأصيلة، وأن ذلك الخصم مهما صادقته وحاولت توثيق العلاقات الودية معه فأن أهله مفطورون على التحدي والخسة والغدر. فكثير من الناس مثلا يعتقدون بأن الشعب الألماني شعب حربي لا يلتزم السلم ولا يشارك في حفظه حتى لو توفرت له أسباب الطمأنينة السياسية والعسكرية والاقتصادي. فمثل هذا الاعتقاد ظاهرة خطيرة لها أثرها البعيد في سلوك الشعوب تجاه الشعب الألماني من جهة؛ وفي سلوك الشعب الألماني تجاه الشعوب الأخرى متجهة أخرى. فأنت إذا اقتنعت بأن الناس لا تؤمن بأنك حريص على الوداد والصداقة فأنك ستسلك في المراحل النهائية - سلوك تحد مبعثه بأسك من إزالة هذه الصورة الخاطئة التي يحملها الناس عنك. وللصبر حدوده

والثالث: - يحاول أن يتعرف الأسباب التي دفعت شعبا من الشعوب لأن يحمل صورة خاطئة عن شعوب العالم الذين يعيش فيه. ويحاول كذلك أن يحصر تلك الأسباب في إطار علم النفس الاجتماعي مستندا إلى الحقائق الاقتصادية والعوامل التاريخية والسياسية التي تعيش في الحياة القومية لذلك الشعب.

وفي علم النفس الاجتماعي أسلحة يعتقد العارفون بها إزالة أسباب القطيعة وسوء السلوك والعقد النفسانيةالتي هي ليست وليدة التنافس الاقتصادي والقلق السياسي فحسب، بل هي كذلك ناتجة عن الجهل بالمقومات الخلقية والثقافية للعائلة الإنسانية على نحو ما أشرنا أليه. وفي استطاعة أولى الدراية كذلك أن يلجئوا لتلك الأسلحة لتحقيق السيطرة والتفوق السياسي والعسكري والاقتصادي على الشعوب الأخرى.

والرابع: الوصول من هذا التبويب والدراسة السابقة إلى حصر الأسباب التي تدفع الشعوب إلى الشقاق والعنف وإلى الحرب والقتال.

وهذا الحصر لا يكون بدراسة التنافس الاقتصادي وحدة الجدل السياسي - كما أشرنا سابقا - وإنما يكون بتمحيص المؤثرات الثقافية والاجتماعية للشعوب المتخاصمة، ومن الأمثلة

<<  <  ج:
ص:  >  >>