وملاذا لها وذخرا وقت الشدة. . . وكان تهدئة خواطر الجند والقضاة على فتهم، ودفع مرتباتهم، والعمل على استتباب السكينة بينهم وبين أهل البلاد ليست مظهراً من مظاهر الخير، ولا معبراً من معابر البر، يصح أن تحول إليه هذه الأوقات المباحة المأكولة. . وجزى الله خيرا قاضي قضاة الحنفية عبد البر بن الشحنة، فإنه وحده دون الثلاثة القضاة الآخرين كان مسايرا لنا فيما ذهبنا إليه. . .
ومهما يكن من شيء فقد أغضينا عن بيع الأوقاف، واجتزأنا بما فرضناه عليها وعلى أرباب الأملاك.
قيت: الواقع يا مولانا! أننا وفقنا، واجتزنا التجربة بثبات وعزيمة، ولولا قوة أيمان كنا نستمدها من المقام الشريف، وصبر مكين تحلينا به تحت ظله، وإخلاص زدنا به تحت لوائه، لتفاقمت ثورة الجند، ولوجدنا لدى العامة من الملاك والسكان ما يجهدنا ويضنينا، وذلك لما أصابهم من المشقة بسبب ما فرض عليهم. وقد وقع منهم قلق واضطراب عدة مرات. حتى أدى ذلك إلى تعطيل البيع والشراء، وغلقت الحوانيت وانفضت الأسواق. واحتجوا مراراً أخرى علينا. وتعرضوا لنا في الطريق العام مهللين ومكبرين تكبير الغاضب المهتاج.
وفي أحد أيام الجمعة، عقب الصلاة، قوبلت بجمع منهم غفير، تجاه باب زويلة. لقد رجموني بالحجارة أنا والأمير طراباي، حتى اضطررنا إلى أمر الجنود فاعملوا فيهم السيف، وقتلوا ثلاثة أشخاص، وجرحوا آخرين ثم تفرق الجمع.
وقد انتهز بعض السفلة والأوغاد والقطاع، هذه الفرصة، وعاثوا في أرجاء القاهرة فساداً، فسلبوا ونهبوا. ولولا همة مشكورة بذلها الأمير علان الوالي، لما إنقمع هذا الشر. لقد قبض على جماعة منهم، ووسط نحو أربعة عشر. . . خرط أوساطهم بالسيف
ثم. . يا مولانا! هناك الاشميون الطامعون الذين لا يحمدون الله على ما أولاهم من فضل، وحياهم من نعمة. أولئك الذين يفغرون فاهم كجهنم. ويقولون: هل من مزيد؟ ولا لهم إلا الاستحواذ على المال من الناس، ولا هم لهم من الخزائن الشريعة إلا أن يستدروا عط اياها ويستمنحوا جداها، أمثال. . مصرباي وجان بردا الغزالي.
لا ادري لماذا حنق مصرباي - رحمه الله - عليّ. . . وعلى أزدمر. . . وتربص بنا