للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ألفنا من أحاديث الأدب والاجتماع. سألني أي أنواع المغامرة أحب إلي؟ قلت: أحبها إلى نفسي هو الجهاد في كسب الرزق. قال: لم أرم في سؤالك إلى طرق الكسب بل قل لي، ألا تميل إلى انتزاع فتاة من عشقها يستتران في الظلام؟ قلت ما قيمة حيازة فتاة دون امتلاك قلبها؟ قال مالنا وللفلسفة؟ ونظر إلي وحدق وقال: نحن الآن عند حافة صحراء (ألماظة) وأنت ترى على مقربة منا سيارة يملكها أحد الأثرياء من داخلها سيدة يغازلها ذلك الثري، ألا يخطر ببالك أن نتضافر فننقض على الرجل ننتزع حافظة نقوده وعلى المرأة تنتزع حليها؟ قلت أعوذ بالله مما تقول، هل أنت مجنون؟!!

انقضى وقت طويل على هذا الاستجواب العجيب الذي اختتمه بضحكة عريضة، ولم أعره اهتماماً لأني ما حدت في مغامراتي كلها عن جادة العمل للمجتمع، ولأن أعمالي الخاصة التي فزت بنصيب منها كانت قرينة الجرأة حليفة الإقدام والمثابرة وحدث مرة ثانية أني كنت وذلك الصديق بعينه مع رفيقين آخرين - سأحدثك عنهما فيما بعد - في مشرب عند صحراء (ألماظة) وأن القدر الذي احتسيناه من الشراب كان كافياً لأن يجعلنا نتحلل من قيود العقل، وأن ينفلت منا زمام التقدير، وأن نستهين بكل مسؤولية.

قال صديقي مخاطباً رفيقنا: ألم تكن هناك على بعد كيلومترين من هنا؟ ومد ذراعه يشير إلى قلب الصحراء من جهة الشرق ضحك الرفاق الثلاثة ضحكة غريبة الجلجلة وقال أحدهم (ملعون أبوها).

قلت: من هي تلك التي استنزلتم اللعنة على أبيها؟

فتاة اشتهيناها، إن رأيتها أنت كنت أشد شهوة منا إليها.

قلت ما حكايتها؟

أسرع كل من الرفاق الثلاثة إلى قص القصة، وأخذوا يتدافعون في حكايتها تدافعاً، هذا يمهد ويقدم، وذاك يشرع في السرد، والآخر يصحح الوقائع ويعيدها إلى أصولها، وها أنا ذا يا صديقي ألخص الواقعة وأجملها بكلمات، كلمات معدودات وددت لو اختزلتها حرصاً على الكرامة الإنسانية، واستحياء من نفسي.

رضيت فتاة من سبط لاوى أن تبيح عرضها لهؤلاء الشباب المثقفين المهذبين لقاء أجر اتفقوا عليه

<<  <  ج:
ص:  >  >>