وأن هذا الفرع بقى مجهولاً إلى أن جاء نابيير وفكر في إيجاد طرق لتسهيل أعمال الضرب والقسمة فوفق إلى اختراع اللوغارتمات. هذا ما كنت أعتقده، وهذا ما لا يزال يعتقده الكثير من علماء الرياضة والتاريخ؛ ولكن لدى قراءتي لبعض الكتب القديمة التي تتعلق بالرياضيات، ولدى تصفحي لكتاب يبحث في تراجم بعض علماء الفلك والرياضيات وجدت أن ابن حمزة المغربي الذي ظهر في القرن الحادي عشر للميلاد استعمل في بعض بحوثه عن المتواليات الهندسية طرقاً تقرب من اللوغارتمات، إذ لو استعمل مع المتوالية الهندسية سلسلة عديدة تبدأ بالصفر واتخذ الحدود في هذه أساساً لنظائرها في جدول المتواليات الهندسية لكان اكتشف اللوغارتمات التي أوجدها نابيير بعده بأربع وعشرين سنة.
والحقيقة التي أود الإدلاء بها أنه ما دار بخلدي أني سأقرأ بحوثاًكهذه لعالم عربي كابن حمزة تمهد السبل لاختراع اللوغارتمات وتكون الخطوة الأولى في وضع أساسه.
الجاذبية:
تقرن كلمة الجاذبية باسم اسحق نيوتن العالم الإنكليزي الشهير، فهو الذي وضع قوانين الحركة والجاذبية في قالب لم يسبق إليه، إذ استعمل فيها الأرقام والمعادلات. ولكن هذا لا يعني أن نيوتن لم يسبق إلى فكرة الجذب والجاذبية فقد قال في ذلك بعض علماء اليونان والعرب، فاعترف سارطون بأن للعرب بحوثاً في الجاذبية وأن الخازن وثابت بن قرة وموسى بن شاكر وغيرهم قالوا بالجاذبية ووضعوا بعض قوانينها. قال ثابت بن قرة (إن المدرة تعود إلى السفل لأن بينها وبين كلية الأرض مشابهة في كل الأعراض، أعني البرودة والكثافة، والشيء ينجذب إلى أعظم منه) وقد شرح محمد بن عمر الرازي هذه العبارة في أواخر القرن السادس للهجرة، فقال (إنا إذا رمينا المدرة إلى فوق فإنها ترجع إلى أسفل، فعلمنا أن فيها قوة تقتضي الحصول في السفل، حتى إنا لما رميناها إلى فوق أعادتها تلك القوة إلى أسفل. .)
أليس في هذا تمهيد لفكرة الجاذبية؟ أليست مباحث محمد بن موسى في حركة الأجرام السماوية وخواص الجذب سابقة لبحوث نيوتن، وهي الخطى الممهدة للتوسع في قانون الجاذبية؟ ألا ترى معي أن اكتشاف أبي الوفاء البوزجاني، الذي ظهر في القرن العاشر