للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نوع من فيضان (غمرة) الشعور الأبوي، أو في بعض الأحيان هي إعلاء له. وللافتقار إلى كلمة أصلح سأسمي هذه العاطفة (عاطفة حب الخير) ولكني أريد أن أوضح أني إنما أتحدث عن عاطفة لا عن قاعدة، وإني لا أدرج تحتها أي شعور بالسمو، كهذا الذي يقترن بالكلمة أحياناً. وكلمة (المشاركة الوجدانية) تعبر عن جزء مما أعنيه، ولكنها تترك عنصر الحيوية الذي أود أن أشمله.

والحب في أكمل مظاهره رباط وثيق بين عنصري السرور وتمني الخير، وسرور الأب بالطفل الجميل المفلح، يتضمن كلا العنصرين. كذلك يفعل الحب الجنسي في أرقى صوره؛ ولكن في حالة الحب الجنسي لن توجد عاطفة حب الخير إلا حينما توجد ملكية مضمونة، وإلا ستعصف به الغيرة، في حين إلا حين أنها ربما تزيد السرور في حالة التأمل، والسرور بدون تمني الخير قد يكون قاسياً، وتمني الخير بدون السرور يصبح بارداً وقليل السمو. والشخص الذي يرغب أو يود أن يكون محبوباً، يرغب كذلك أن يكون موضوعاً أو يود أن يكون محبوباً، يرغب كذلك أن يكون موضوعاً لحب يشتمل كلا العنصرين، ما عدا حالات الضعف القصوى، كما في الطفولة والمرض الشديد، ففي هذه الحالات قد يكون (عاطفة حب الخير) هو كل ما يرغب فيه، وعلى العكس من ذلك في حالات القوة القصوى يستحب الإعجاب أكثر من حب الخير، وهذه هي حالة الاحتفال بأصحاب الحول والطول، والغانيات المشهورات؛ ونحن نرغب فقط في تمنيات الغير الطيبة، حينما نشعر أنا في حاجة إلى مساعدتهم أو في خطر من أذاهم، وعلى الأقل يبدو أن ذلك هو المنطق البيولوجي للموقف، ولكنه ليس صادقاً كل الصدق بالنسبة للحياة، فنحن ننشد الود لكي نهرب من الشعور بالوحدة، ولنكون - كما نقول - (مفهومين). وهذا هو أهمية المشاركة الوجدانية، وليس فقط عاطفة حب الخير؛ فالشخص الذي يرضينا وده، لا يجب أن يتمنى لنا الخير فقط، بل يجب أن يعرف في أي شئ تكمن سعادتنا، ولكن هذا ينتمي إلى العنصر الآخر من الحياة السعيدة، وأعني به عنصر المعرفة.

في عالم كامل، سيكون كل كائن حساس، موضوع حب عميق للآخر متآلف من السرور وعاطفة حب الخير والفهم. كل ذلك مختلط بصورة معقدة، ولا يعني ذلك أنه يجب علينا - في هذا العالم الواقعي - أن نجهد في الحصول على مثل هذه الاحساسات تجاه كل الكائنات

<<  <  ج:
ص:  >  >>