نصيب هدفاً معينا، فإن المعرفة قد ترينا الوسائل. وهذه المعرفة قد تمر مع شئ من التساهل على أنها معرفة أخلاقية؛ ولكني لا أظن أنا نستطيع أن نقرر أي نوع من السلوك هو حق أو باطل إلا بالإشارة إلى نتائجه المحتملة. وتحديد غاية لبلوغها مسألة، العلم هو الذي يكتشف لنا كيف نبلغها. وكل الأسس الخلقية يجب أن تختبر بالتحقيق من أنها تجنح إلى تحقيق الغايات التي نرغبها. وأقول الغايات التي نرغبها لا الغايات التي (ينبغي) أن نرغبها. لأن (ما ينبغي) أن نرغبه ليس شيئاً أكثر مما يريد شخص آخر أن نرغبه. وعادة هو ما ترغب السلطات أن تريده - كالوالدين والأساتذة ورجال البوليس والقضاة - وإذا قلت لي:(يجب أن نفعل كيت وكيت) فإن القوة الباعثة على قولك تكمن في رغبتي في موافقتك لما قد يحتمل من الجزاء أو العقاب المرتبط بموافقتك أو مخالفتك، وما دام كل سلوك يصدر عن الرغبة، فمن الواضح أن الأفكار الأخلاقية ليست لها من أهمية إلا بمقدار ما تؤثر به على الرغبة. وهم يفعلون ذلك رغبة في الموافقة وخوفاً من المخالفة، لأن هذه قوى اجتماعية شديدة: وسنحاول بالطبع أن نكسبها إلى جانبنا إذا رغبنا أن نحقق أي غرض اجتماعي. وحين أقول إن خلقية السلوك يجب أن يحكم عليها بنتائجها المحتملة، أعني أني أرغب أن أرى الموافقة تطلق على السلوك المحتمل أن يحقق أغراضاً اجتماعية، والمخالفة تطلق على السلوك المضاد. وهذا لا يفعل في الوقت الراهن، لأن هناك سننا تقليدية معينة، يقاس بمقتضاها الموافق والمخالف والملائم والمنافر، دون نظر إلى النتائج. ولكن هذا موضوع سنتناوله في الفصل التالي.
إن الزيادة في الأخلاق النظرية لواضحة في حالات بسيطة. فلنفرض مثلاً أن طفلك مريض، فالحب يجعلك تريد أن تشفيه، ولكن العلم هو الذي يخبرك كيف تعمل ذلك. وليس هناك من مرحلة وسطى في النظرية الأخلاقية، حيث يتضح أن طفلك كان يحسن أن يشفى، وفعلك يصدر مباشرة عن الرغبة في الوصول إلى هدف، وأيضاً في نفس الوقت مع معرفة الوسائل إليه. وهذا صادق تماماً في كل الأفعال سواء أكانت خيراً أم شراً. والغايات تتباين، والمعرفة أكثر سداداً وصلاحية في بعض الحالات منها في الأخرى، ولكن ليس هناك من طريق تتصور لجعل الناس يؤدون مالا يرغبون في أدائه، ولكن الشيء الممكن هو أن تغير رغباتهم عن طريق نظام الجزاء والعقاب اللذين من بينهما الموافقة