الرفيع، والأمر النافذ، ثم يقول: (ثم نظرنا في الوفاء والأمانة، والنبل والبلاغة، وحسن المذهب، وكمال المروءة، وسعة الصدر، وقلة الغضب، وكرم النفس، والفائق في سعة علمه، والغلب لهواه، فوجدنا (فلان بن فلان) ثم وجدنا الزمان لم ينصفه من حقه، ووجدنا فضائله القائمة له قاعدة به، فهذا دليل أن الفضل قد مضى زمانه، وعفت آثاره، ووجدنا العقل بشقي به قرينه، كما أن الجهل يحظى به خدينه).
فإذا رجعنا إلى الشعر وجدنا عبيد الله بن عبد الله بن طاهر يقول
يا محنة الدهر كفي ... إن لم تكفي فخفي
ما آن أن ترحمينا ... من طوال هذا التشفي
فلا علومي تجدي ... ولا صناعة كفي
ثور ينال الثريا ... وعالم متخف
وتمضي خطوات في الزمن فنجد الطغرائي يقول
وأعظم ما بي أنني بفضائلي ... جرمت ومالي غيرهن ذرائع
وخطوة أخرى فإذا القاضي الفاضل يقول
ما ضر جهل الجاه ... لين ولا انتفعت
وثالثة فإذا ابن دانيال يقول
كل من كان فاضلاً كان مثلي ... فاضلاً عند قسمة الأرزاق
فإذا جئنا إلى العصر الحديث وجدنا بعض شعراء الشباب يقول
عبث هذه الحياة وفوضى ... ما نراه في هذه الأكوان
ولو ان الحياة تنظم شعراً ... جعلت شعرها بلا أوزان
ولو ان الحياة ترسل نثراً ... جعلت نثرها بغير معان
بعد هذه الرحلة الطويلة ذكرت رسالة بديع الزمان الهمداني التي يقول فيها: (الشيخ الإمام يقول: فسد الزمان، أفلا يقول متى كان صالحاً؟ أفي الدولة العباسية وقد رأينا آخرها وسمعنا بأولها، أم في المدة المروانية وفي أخبارها: لا تكسع السول بأغبارها، إنك لاتدري لمن الفائج، أم السنين الحربية
والسيف يغمد في الطلي ... والرمح يركز في الكلى