لمواطننا الأستاذ أحمد عطية الله مدير متحف التعليم بوزارة المعارف ولع بكثرة الإنتاج والتأليف، فهو من وقت لآخر يطالع القراء بأبحاثه ومؤلفاته، وآخرها فيما أظن دائرة المعارف الحديثة التي تصدرها تباعاً مكتبة الأنجلو المصرية بالقاهرة، وقد عنيت بصفة خاصة بقراءة ما ظهر من أجزاء هذه الدائرة حرفية فلم أجد فيها ما يشعر مطلقاً بحرص كاتبها ليل يختطف من كل كتاب كلمة، وينتزع من كل صحيفة بحثاً حسبما يتفق له وبريق في نظره دون أن يكلف نفسه دقة التقل والتأكيد من صحة المعلومات التي يملأ بها صفحات دائرة معارفه. ولقد أساء بذلك إلى العلم والمعرفة كما أساء إلى نفسه، وكان خيراً له أن يقرأ ويتثقف حتى ينضج، ثم بعد ذلك يعمد للتأليف ويتصدى لمثل هذه المباحث وكان خيراً له أن يشرك معه في البحث والمراجعة علماً من أولى الخبرة والدراية ليكون إنتاجه ممحصاً مهذباً، وإني أضع بين يدي القارئ الكريم مادة واحدة من بين آلاف المواد التي تحتويها دائرة معارفه الحديثة ليرى ما في هذه المادة وحدها من خلط، تلك مادة - رمضان - ص ٢٤٠ بالجزء الرابع فقد جاء بها ما يلي (ورمضان من الأشهر الحرم نزل القرآن في الرابع منه، وفي الأخير منه ليلة القدر، وفي السابع والعشرين منه حدثت موقعة بدر الكبرى) ومن المجمع عليه لدى أهل العلم أن الأشهر الحرم هي: رجب وذو العقدة وذو الحجة والمحرم. ولم يقل أحد مطلقاً أن رمضان من الأشهر الحرم. وبمراجعة ما كتبه المؤلف نفسه بصفحة ٢٢٧ من هذا الجزء في مادة رجب - نجده يقول عن شهر رجب (وهو أحد الأشهر الحرم وهي المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة) وهذا خلط واضح وتناقض معيب! ولم يذكر أحد الثقاة ولا غيرهم أن القرآن الكريم نزل في الرابع من شهر رمضان كما لم يذكر أحد أن ليلة القدر في الأخير من هذا الشهر كما يقول المؤلف، وكان يكفيه أن يقف حيث وقف القرآن حين قال تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) ولكنه أبى إلا أن يتعالم بذكر المرويات فلم يحسن نقلها؛ فقد روى العلامة الألوسي في تفسير للقرآن الكريم عند قوله تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) وخرج الإمام