للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يكون إيجابياً؛ بمعنى أنه مجرد من (الدعاية) حتى لو افترضنا بأن هذه الدعاية جاءت عفواً بدون تصميم أو تعمد.

وهذا الوضع يوفر للدول ذوات المصالح في علاقاتها مع العالم العربي - وغيره من الشعوب العالم - وسائل على غاية من الدقة والمهارة لتوجيهه توجيهاً يتماشى والمصلحة الجوهرية لتلك الدول. أو لا يفطن كثير منا في بعض الحالات إلى هذا النوع من التوجيه فيما تحمله إلينا وكالات إلى هذا النوع من التوجيه فيما تحمله إلينا وكالات الأنباء (الأجنبية) من أنباء أو تعليقات المفروض فيها أن تكون صادقة نزيهة، ولكنها في الواقع صادرة من (مصدر رسمي) أو (مصدر وثيق) في وزارة الخارجية لدولة من الدول التي لها مصالح مباشرة في ترويج ذلك الخير في ألسنة الرأي العام العربي؟ فإذا فطن بعضنا إلى هذا النوع من الغش السياسي في بعض الحالات فإن أكثرنا لا يفطن إليه في جميع الحالات، إذ أنه يستند إلى أسلوب في التوجيه يستمد أصوله من الدراسات الاجتماعية والنفسانية العاطفية للمقومات الخلقية للشعب العربي على نحو ما أشرنا إليه في مكان آخر من هذا البحث، ومن التيارات السياسية والاقتصادية العابرة والوسيلة الوحيدة للتغلب على هذا الوضع - وهو وضع خطير إذا دققت فيه - هي أن توفر لصناع السياسة الرسميين في الدول العربية وللمعنيين بتوجيه الرأي العام العربي من صحفيين ومعلقين سياسيين وغيرهم من المواطنين الواعين وسائل تكشف لهم عن تلك الأساليب العلمية والبحوث العميقة التي توفرت لدى أهل الحل والربط في الدول الكبرى ذوات المصالح التي لها صلات مباشرة وعلاقات جوهرية مع العالم العربي - تلك الأساليب التي يبدو أنها قد حققت قسطاً كبيراً من النجاح لتلك الدول ذوات المصالح في علاقاتها مع العرب - وقد يكون هذا النجاح متماشياً مع المصلحة العربية أو قد لا يكون، إنما المهم أن يكون أولو الأمر والمسؤولون عن توجيه الرأي العام مدركين لتلك الأساليب عالمين بدقائقها وخفاياها. وفي الحديث الشريف (من تعلم لغة قوم أمن شرهم) , واللغة هنا يجب أن لا تعني فقط الكتابة والمخاطبة، وإنما يجب أن تشمل الاطلاع على تلك الأساليب العلمية الدقيقة التي ندرس بها وضعية جيراننا في هذا العالم - خصوماً وأصدقاء - الفكرية والعاطفية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها على نحو ما سبق استعراضه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>