ركام النزق والغرور رأي عتبة على نضجه واستقامته، وانجرف في غمرة التيار عتبة بن ربيعة على شرفه في القوم وزعامته، ولم يدر إلا وقد فصلت الفيالق تجاه بدر، وتيممت كتائب قريش القليب!!
ترى ما عسى أن يصير إليه موقف عتبة وقد صدق عشيرته النصح فلم تنتصح، ونخل لقومه مخزون الرأي فلم يرشدوا.
هنا هنا موطن العبرة للساسة، بل منزل القدوة للزعماء والقادة.
هذا عتبة وقد أهمل رأيه على وساطته في قومه، ووضوح السداد في دعوته، لا يشغب على الجماعة، ولا يأتي عملا أو قولا يضعف هيبتها أمام الأعداء.
وهذا عتبة وقد انعقد إصرار الأمة على القتال، لا يجدوا لرأيه حقا على نفسه حتى في أن يأوي إلى الصمت والاعتزال.
وهذا عتبة ينكر ذاته، ويفنى وجوده في أمته، فيأخذ أهبته لعسرة النضال.
وهذا عتبة وقد اعتصب للحرب، لا يدع ظلا من شبهة في أنه استكره على الخروج أو أحرج في اللقاء.
بل هذا عتبة وقد جد الجد، وشمرت عن ساقها الحرب، يحتل مكان الصدارة بين المقاتلين، وقد كان بالأمس عدو القتال، فيضرب المثل الرائع في إيثار الوحدة، وفناء الفرد في الجماعة، وإذابة الرأي الواحد وإن استقام وصفا، في مشيئة الأمة متى تيممت وجهة أخرى.
إي والله. . هذا عتبة يرى في طليعة الصفوف، ويتوج هامته بعصابة الحرب ويجعل عن يمينه - في راس الجيش كذلك - أخاه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة، يوقد بهما شرارة الحرب الأولى، ويعجل بنفسه وبهما غبار النقع في غزو بدر الكبرى.
اسمعوا إليه أيها السادة الزعماء وهو يلقي القفاز في وجه عصبة الحق، ويتحدى كتائب الإيمان، فيطالب الرسول (صلوات الله عليه) أن يجعلها مبارزة رجل برجل!! بل اسمعوا إليه وقد ابتدر فتيان الأنصار هذا التحدي، وخفوا لالتقاط القفاز، كيف يعرض عن قتالهم ويغلو في الاعتداد بشرف قومه - وهم الذين أهملوا رأيه ونصحه - فيقول الرسول العظيم (بل أخرج إلينا أكفاءنا من بني عمومتنا من قريش)
وأطلوا على الموقف أيها الزعماء الأجلاء، وقد استعلنت عزة الحق بلسان النبي، وصرخت