ولذلك فهو ليس أحكم من صاحبته المربية أو الأم. ولكي يحيا المرء الحياة السعيدة بأتم معانيها، يجب أن ينال قسطا وافرا من التربية، وأن يكون الأصدقاء والحب والأطفال - إذا أرادهم - ودخل كاف ليحفظه من العوز والقلق، وصحة جيدة، وعمل ليس بالممل. وكل هذه الأشياء بدرجات متفاوتة، وتعتمد على المجتمع؛ وتساعدها أو تعوقها الأحداث السياسية. والحياة السعيدة لا تكون أبدا إلا في مجتمع سعيد، وليست بممكنة في عالم ليس كذلك.
وهذا نقص أساسي في المثل الأرستقراطي الأعلى، فبعض الأشياء الصالحة مثل الفن والعلم والصداقة، يمكن أن تزدهر أيما ازدهار في مجتمع أرستقراطي، فقد وجدت في اليونان على أساس الرق، وتوجد بيننا على أساس الاستغلال والتسخير؛ ولكن الحب في صورة المشاركة الوجدانية وحب الخير لا يمكن أن يوجد وحده طليقا في مجتمع أرستقراطي. فالأرستقراطي يقنع نفسه بأن الرقيق أو الأجير أو الرجل الملون من طينة أدنى فإيذاءهم لا يهم وإن الرجل الإنجليزي المثقف في الوقت الحاضر ليضرب الأفريقيين بشدة، حتى أنهم يموتون بعد ساعات من الألم الفظيع. وأنا لا أستطيع أن أقول أن هؤلاء المهذبين - حتى ولو كانوا متعلمين جيدا وفنانين ومحدثين لطافا - يحيون حياة سعيدة، فإن الطبيعة البشرية لتضع بعض الحدود للمشاركة الوجدانية، ولكن ليس بدرجة مثل هذه. وفي المجتمع ذي الوعي الديمقراطي لا يسلك هذا المسلك إلا المهووس وتحديد المشاركة الوجدانية التي يشتمل عليها المثال الأعلى الأرستقراطي لهوسها. والخلاص مثال أرستقراطي لأنه فردي، ولهذا أيضا لا تصلح فكرة الخلاص الشخصي - مهما أولت ووسمت - لتعريف الحياة السعيدة.
وطابع آخر من مميزات (الخلاص) وهو أن ينجم عن تغيير محني (نتيجة محنة) كتحول القديس بولص وأشعار (شلي) تقدم صورة لهذا المعنى تنطبق على المجتمعات، فاللحظة تحين حين يتغير كل إنسان (وتطير الفوضى واختلال الحكم)(ويبدأ عمر العالم العظيم من جديد) ولكن: قد يقال إن الشاعر ليس بذي أهمية، وأفكاره لا نتيجة لها؛ ولكني أقول: إن جزءا كبيرا من القواد الثوريين كان لديهم أفكار مثل ما لدى (شلي) إلى حد بعيد، فقد فكروا في أن البؤس والقسوة والانحطاط ترجع كلها إلى الظلمة، أو القسس أو الرأسماليين، أو