الغزوة إلى الآفاق، وعظم بها قدر سلطان مصر، وقال الشعراء الشعر في ذلك فأكثروا، بل قيل إن الملك بلسانه قبل خلاصه مما عرب: -
يا ملكا ملك الورى بحسامه ... أنظر إلى برحمة وتعطف
وأرحم عزيزا ذل وأمتن بالذي ... أعطاك هذا الملك والنصر الوفي
إن لم تؤمني وترحم غربتي ... فيمن ألوذ ومن سواكم لي بقي
ومات في جمادى الآخرة عن دون الثمانين بدمشق العلامة الزاهد الورع الرباني التقى أبو بكر محمد عبد المؤمن الحصني ثم الدمشقي الشافعي شارح والمنهاج والغابة وأربعين النووي والأسماء الحسنى وصحيح مسلم وغير ذلك؛ كتلخيص المبهمات وقمع النفوس مع القيام بالأمر بالمعروف والنهي ن المنكر، وانجماعه التام، وتقشفه، وعدم محاباته، وانحرافه عن التقي أبنتيمية، ومبالغته في الحط عليه بحيث بسبب ذلك فتن كثيرة مما كان الوقت في غنية عنه. وفي ذي الحجة وقد زاد على الستين ببيت المقدس قاضي الشافعية بالديار المصرية وصاحب تلك الحوادث التي لا تخلوا من التعصب عليه، الشمس محمد بن عطاء الله الرازي الهروي ممن ولى صلاحية المقدس في أول أمره وآخره، والفضاء بينهما مرة بعد أخرى، وكتابة السر. وحدث ودرس وأفتى، وصنف شرح مسلم وغيره، وكان إماما عالماً غواصا على المعاني، حافظاً لكثير من المتون والتواريخ، رئيسا مهابا، ضخما، حسن الشكالة، لين الجانب، أثنى عليه غير واحد على ما فيه من طبع الأعاجم وقوادح وبني بالمقدس مدرسة وفي ذي الحجة بالقرب من المدينة النبوية وهو راجع من الحج والزيارة العلاء أبو الحسن على بن عبد اله بن محمد الدمشقي الشافعي أبن سلام بالتشديد وقد زاد على السبعين وحمل إلى المدينة فدفن بالبقيع وكان حافظاً لكثير (الرافعي) مع إشكالات عليه، وأسئلة حسنة، بحاثاً يقرئ الفقه وأصوله حسنا، مع يد في الأدب، ونظم ونثر واقتصاد في ملبسه وغيره، وحسن محاضرة، وشرف نفس، ولكنه يتكلم في كبار ويرمي بالمناضلة عن أبن عربي. وقد درس في الظاهرية البرانية والعذرانية وغيرها. وفي ربيع الآخر العلامة شيخ الشيخوخة. وأوجد الحنفية السراج عمر بن علي بن فارس القاهري ويعرف الهداية، تصدى للإقراء والإفتاء، وكثرت تلامذته، وصار الممول عليه، مع الاقتصار في أموره كلها، وإعراضه عن بني الدنيا، وعظمته في الأنفس ومحاسنه غزيرة