أيتها العينان، أي صفاء بعتماه في روحي؟
أية مرآة أنتما أية صورة تعكسانها أية صورة ترعرعت فيكما
يا روحها، أنت أنضر صورة وأجملها وفمها؟!
إذا ما ارتسم في ذهني، تخيلته عليه قبلة، أشعر بعدها ببرودة رافية. وتقدمت بفمي أقتطعها. ولم أصل!
إنني أفيد الخيال بالواقع، فأنشئ قبلا، لا تلبث فتنتها - يا طالما تعلقت في حبال من الخيال. ويا طالما تراخت الحبال، وما أسرع أن تتراخى!
فمها وردة متوهجة. إذا تكلمت تفتحت. كثيرا ما تفتحت الوردة فعطرت الحياة حواليها.
وأتصورها الآن تتفتح، فأسمع تغريدة وترددها الوردة. . . أسمع نبرات كلها موسيقى. كلمات موشاة منمقة مختصرة كخفقة الضوء، ولكنها بليغة في أوج البلاغة وذروتها.
لو سمعتها وحدها حياتي كلها، لعمر الله، ما قنعت ولا مللت!
والجبين الوضاح. والشعر اللين. والقوام المعتدل؟
أسنة مشرعة نحو صدري
والليل متمدد على الدنيا كوحش خرافي لا يقف البصر على زواياه. . والسكون لا صور له. . موحش رهيب. .
وماتت الضوضاء
وتجمعت الحركات الساخنة في رأسي. وتحولت في تيار ساحق. وازدحمت فيه بضعة أسباب مائعة للغز الذي أقاسي من أجل حله.
ويشب الجوي، فيثير في قلبي أحزانا. ويتحامل على، فيجرد لي فيلقا من الشجن.
ويتنقل اليأس في نواحي الروح، فيهوي بها إلى قرارة الجسد، وتغيب في ظلمات وأعاصير.
ويتداعى الأمل. هل من بعث يعيد ما هلك في الأركان العتمة؟ أحاوله. . ألتمس ثغرة يتنفس منها، فأمشي نحوها. أو خيطا من نور يؤدي إليه، فأتعلق به! وعجزت جد العجز. .
وبثق في قلبي الضيق واستقر في بدني الملل. رحماك!
وتفتحت آذان السماء، فرفرفت على عيني سنة قصيرة، وانتهيت بعدها.