الاستقرار لا على شيء أيا كان ما تستقر عليه، لأن شعورها بنفسها وبما حولها لا يتهيأ إلا باستقرار على شيء، ولا يتحقق إلا بهز وكل السرائر تؤمن لأن الإيمان وظيفتها، ولا توجد بل لا تتوهم سريرة تقوى على الحيرة والشك إلى ما لا نهاية وإن انتابتها فترات الحيرة أو الشك أحيانا قصيرة، كما أنه لا توجد بل لا تتوهم معدة تقوى على الجوع إلى ما لا نهاية وإن أمكن كل معدة الصوم مدة قصيرة أو طويلة حسب طاقتها دون أن تفسد أو تموت، ودون أن يفسد الجسم كله أو يموت
هذا - وما أكثر السرائر التي تفر إلى التسليم خوفا من عذاب الشك، وأقل السرائر التي تفر إلى الأفكار خوفا من عذاب الشك أيضا - أما السرائر التي تشك ثم تصر على الشك إلى ما لا نهاية فشيء وراء الواقع ووراء الوهم
إن السريرة إذا عجزت عن الإيمان الصحيح لجأت إلى الإيمان الزائف. الفرق بينهما أن الإيمان الزائف يقتنع بالشكليات ويكتفي بها عن الحقائق، وفي ذلك عزاء كاذب للنفوس الضعيفة، وسكينة كاذبة إلى مكانتها من الوجود، ومخادعة منها لها بأنها شريكة لأصحاب العقائد في كل مفاخرهم ومغانمهم في انتمائهم إليها
وثانية الوظيفتين أو الحاجتين أن الشريرة الضعيفة عاجزة عن احتمال مشقات الجهاد التي يستلزمها الإيمان بروح العقيدة وحقائقها. وهي بحكم ضعفها ضعيفة الضوابط منزوفة الصبر أمام أهوائها وشهواتها الحيوانية المنحطة. وما من عقيدة من العقائد إلا كانت مستلزمة ضبط النفس عن كثير مما تشتهي، محملة إياها ضروبا من جهاد أهوائها. والحرص على شكليات العقيدة - وهو لا يكلف النفس عسيرا من الجهاد - كفيل بان يبرز الإنسان أمام نفسه وأمام الناس على أنه من أصحابها، ويبيح له الحق في مفاخرها ومغانمها بلا ثمن أو ثمن زائف أو ثمن تافه، ولا حاجة مع ذلك كله إلى تكبد مشقات التجارب القاسية التي يستلزمها الإيمان الصحيح بروح العقيدة وحقائقها. فالحرص على الشكليات يعفي من كل عناء، ويضمن كل ربح، ولا يحرم النفس من الانطلاق في كل وجهة كما تملي عليها شهواتها الدنيئة. فما أربحها صفقة في عين صاحبها، وإن كانت في الواقع أخسر الصفقات، لأنها خسران للحياة كلها لقاء وهم زائف
كان المسلم مثلا على عهد محمد (ص) لا يحس بأنه حقيق بالإسلام حتى يضع حياته