مقام إلا بين بؤرة وبيئة، وكأس مليئة. ومن شاء منكم الشهرة، فليس أمامه من سبيل إليها إلا أن يمجن كما يشاء، أو يهجو أحد العظماء
قل لي يا خليفة المعمار. لماذا رسم السلطان للأمراء بإلغاء نقبائهم الذين كان أرباب المظالم يفدون عليهم للفصل في مظالمهم؟ ورسم أن أحداً لا يشكو، ولا يرفع قصة - قضية - إلا عن طريق قضاة الشرع؟ أليس في ذلك حماية للناس ورعاية لهم من جشع الأمراء والنقباء، وجورهم. . أوليس في ذلك دعوة إلى أن تسود العدالة، وترعى أحكام الشرع الشريف
الشاعر: هذا حسن وقد رسم السلطان بذلك كله، حينما راعه أن الوباء استحر في الناس، وأعمل فيهم سيف فتكه وسفكه. فرأى أن يتقرب إلى الله بتلك القربى، لعل الله يخفف بها الكرب عن المكروبين. . . ولكن لولا الوباء لما اتجهت فطنة السلطان إلى هذه المكرمة. . . وعما قريب سترى أن الأمر عاد إلى ما كان عليه
فقال علم الدين الخياط: أنني أود من الأعماق أن يفيء الناس إلى أحكام الدين، ويرعوا العدالة، ويوكل أمر القضاء إلى قضاة الشرع دون سواهم. واعجب كيف دخل حاجب الحجاب، وغيره من الأمراء، إلى باب القضاء، واصبحوا من الحاكمين بين الناس في مظالمهم وخصوما تهم. انهم كثيراً ما يجنحون إلى الهوى، ويحكمون الغرض، ويتذرعون بمناسبهم لابتزاز أموال الناس بالباطل. . . فإذا وقف السلطان حاجزاً حصيناً دون غاياتهم الجائرة وعبثهم الظالم، فوقفته تلك، يد بيضاء مشكورة. .
الشيخ: أجل! أيها الأصدقاء! تلك يد بيضاء مشكورة، وكم للسلطان من أيادي، وكم أحيا من عادات وتقاليد شعبية، عفاها الزمان ودرست معالمها منذ أمد طويل.
إليكم مثلا دوران المحمل في رجب، ولعب الرماحة في حفلة دورانه. . تلك عادة جميلة دارسة. وتقليد بائد محبوب لم تنعم به عيون القاهريين منذ سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة هجرية، أيام حكم الملك الظاهر خشقدم. لقد كان لهم في تلك العادة متعة وترويح، وللقاهرة عندها زينة وتبرج
وها نحن أولاء نرى سلطاننا الغوري يأمر بتدريب الرماحة من جديد، وبدوران المحمل في رجب. ورجعت هذه العادة بذلك تقليدا جديدا من تقاليد بلادنا. . .