وكأنما مسست البارود بتلك الشرارة، فانفجرت نفس الرجل عن قصة ما أفظعها!
قال: يا إخواني المصريين، قبل أن أنفض لكم ذلك الخبر، أسديكم هذه النصيحة التي لم يضعها مؤلف تاريخي لسوء الحظ، إلا في الفصل الأخير من رواية شقائي:
(إياكم إياكم أن تغتروا بمعاني المرأة، تحسبونها معاني الزوجة. وفرقوا بين الزوجة بخصائصها، وبين المرأة بمعانيها؛ فإن في كل زوجة امرأة، ولكن ليس في كل امرأة زوجة).
واعلموا أن المرأة في أنوثتها وفنونها النسائية الفردية، كهذا السحاب الملون في الشفق حين يبدو؛ له وقت محدود ثم يمسخ مسخاً؛ ولكن الزوجة في نسائيتها الاجتماعية كالشمس؛ قد يحجبها ذلك السحاب، بيد أن البقاء لها وحدها، والاعتبار لها وحدها، ولها وحدها الوقت كله.
لا تتزوجوا يا إخواني المصريين بأجنبية؛ إن أجنبيةً يتزوج بها مصري هي مسدس جرائم فيه ست قذائف:
الأولى: بوار امرأة مصرية وضياعها بضياع حقها في هذا الزوج. وتلك جريمة وطنية؛ فهذه واحدة.
والثانية: إقحام الأخلاق الأجنبية عن طباعنا وفضائلنا - في هذا الاجتماع الشرقي، وتوهينه بها وصدعه؛ وهي جريمة أخلاقية.
والثالثة: دس العروق الزائغة في دمائنا ونسلنا، وهي جريمة اجتماعية.
والرابعة: التمكين للأجنبي في بيت من بيوتنا، يملكه ويحكمه ويصرفه على ما شاء؛ وهي جريمة سياسية.
والخامسة: للمسلم منا إيثاره غير أخته المسلمة، ثم تحكيمه الهوى في الدين، ما يعجبه وما لا يعجبه، ثم إلقاؤه السم الديني في نبع ذريته المقبلة، ثم صيرورته خزياً لأجداده الفاتحين الذين كانوا يأخذونهن سبايا، ويجعلونهن في المنزلة الثانية أو الثالثة بعد الزوجة؛ فأخذته هي رقيقاً لها، وصار معها في المنزلة الثانية أو الثالثة بعد. . . وهذه جريمة دينية.
والسادسة: بعد ذلك كله، إن هذا المسكين يؤثر أسفله على أعلاه. . ولا يبالي في ذلك خمس جرائم فظيعة.