حجر الزاوية في بناء النقد العربي الحديث، لأني أردتها قراءة مترابطة آخذا بعضها بعرى بعض.
إلى هنا يا سيدي وأنا أوافقك على ما ترى، وأذهب معك إلى أن (الأداء النفسي) هو المنظار الأفضل الذي يجب أن ننظر منه إلى القرائح وفيض العقول. . . ولكن يظهر - واسمح لي بهذه - أني أخالفك فيمن طبق عليه هذا المذهب وذلك التطبيق الواسع، أو فيمن يجوز أن نجده في شعره بصورة واضحة، ومن يقرأ تعقيباتك وردوك، ودمعة الذكرى على الشاعر الراحل يعرف أنك تقصر هذا المذهب على نابغة المنصورة، وإن اضطررت - لسبب ما - ألا تغفل بعض من يسكنون الشام وأستطيع أن أخرج من هذا بأن العصبية الإقليمية ما زال لها مكان مرموق وصوت مسموع، حتى عند أئمة النقد وحاملي لوائه)!
بالأمس اتهمني هذا القارئ الفاضل - وهو من الأدباء السوريين - بالعصبية الإقليمية، يوم أن تحدثت في بحث متصل الفصول عن شعر علي محمود طه. . . واليوم أسمع هذه الكلمة نفسها من صديقنا الأستاذ الناصري - وهو من الشعراء العراقيين حين يشفق علي من أثرها في معرض الحكم على شعر الدكتور بشر فارس! إن ردي على هذا الإشفاق هو ردي على ذلك الاتهام حين قلت معقبا عليه منذ شهور:
(الشيء الوحيد الذي لم أكن أنتظره أو أفكر فيهن هو أن يتهمني قارئ فاضل بالعصبية الإقليمية، أنا الذي حاربت هذه العصبية بكل ما أملك من جهد على صفحات (الرسالة) كلما أطلت برأسها من قلم كاتب أو من لسان أديب. . ومع ذلك فقد فوجئت بالقارئ الذي اتهمني على غير ترقب وانتظار!
لقد طبقت مذهب (الأداء النفسي) على شعر علي محمود طه، وغن تلك النماذج الفنية التي استشهدت بها من شعره، هي الحكم الفاصل بيني وبين كل معترض على أمانة النقد وسلامة التطبيق. ولن أضيق أبدا بأي قارئ يجادلني فيما كتبت، ما دام نقده قائما على أسس واعية من الفهم والذوق والمراجعة!
إن إيليا أبا ماضي الذي أضعه في الطبقة الأولى من الشعراء ليس شاعرا مصريا، ولعل القراء يذكرون أن أول تطبيق لمذهب الأداء النفسي على صفحات (الرسالة) كان منصبا على شعر هذا الشاعر، حتى لقد دفعته الدهشة من أن يحتفل ناقد (مصري) بشعره، إلى