يبعث إلينا الصداقة وشكره الخالص، على لسنان صديقنا وصديقه الأستاذ محمد الحوماني. . . ماذا أقول بعد هذه اللفتة التي أذكرها لأول مرة، حين دعت إليها المناسبة واقتضاها المقام)؟!
هذه الكلمات التي تصور موقفنا من العصبية الإقليمية هي التي فرضت علينا أن نعود بالأستاذ الناصري وبالقراء إلى الماضي القريب، الماضي الذي لا يختلف عن الحاضر في شيء من أهدافه ومراميه. . وإذن فليس هناك ما يدعو الأستاذ الصديق إلى أن يشفق علينا من هذه العصبية التي ما زلنا نحاربها بالقلم واللسان، في كل مناسبة وكل زمان!
وإذا كان الأستاذ الناصري يريد أن يعرف رأينا في هذه القصيدة الرمزية، فلا بأس من مطالعته بهذا الرأي الذي يستطيع على ضوئه أن يزن شعر الدكتور بشر فارس، وهو رأي نقتطفهمن كتابنا الثاني الذي يتطلع بعد الأول إلى النور في الغد القريب. . إنه دراسة فنية عامة للرمزية النفسية والرمزية اللفظية أو الرمزية المطبوعة والرمزية المصنوعة، أو الرمزية المستحسنة والرمزية المستهجنة، ومن خلال تلك السطور التي وضعنا تحتها الخطوط، يتضح رأينا في رمزية (صديقنا) الدكتور بشر وكل رمزية أخرى تماثلها في الصورة وتشاركها في الإطار:
(ما دمنا نقسم الأداء في الشعر إلى قسمين: أداء لفظي وأداء نفسين وننسب الموسيقى في الشعر إلى نوعين: موسيقي اللفظ وموسيقي النفس، فإننا نفرق أيضا بين لونين من الرمزية: هما الرمزية اللفظية والرمزية النفسية. . ومادمنا ننكر القسم الأول من الأداء ولا نقيم كبير وزن للنوع الأول من الموسيقى فإننا نستهجن أيضا ذلك اللون الأول من الرمزية! إن الفارق بين الرمزية اللفظية والرمزية النفسية هو الفارق بين الرمزية المصنوعة والرمزية المطبوعة. إننا ننشد الوضوح في الفن لأنه ركن من أركان الجمال فيه، وطريق من طرق إحساس بهذا الجمال، والشعر فن من الفنون الجميلة لا مراء، إذا أخفينا هذا العنصر الفعال الذي يسلكه في عداد تلك الفنون، إذا أخفينا وراء ستار من التعقيد والغموض والتعمية والإبهام فقد تلاشى أول بريق أخاذ يمكن أن تتملاه النفس في هذا الفن، ونعني به الجمال! نريد في شعر الأداء النفسي تلك الرمزية النفسية المطبوعة، الرمزية التي تلف الفكرة العامة أو الموضوع العام بوشاحها الرقيق الذي لا يحجب الضوء