للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المرض بطبيعة الحال ليست في كونه نقمة أو نعمة، بل في تلك الجراثيم الحية التي أكتشف العلم الحديث بعض أحوالها ولا يزال يجاهد في سبيل اكتشاف ما خفي عليه من أمورها. ألم يكن هذا التفكير العلمي أول خطوات التقدم العملي في سبيل التخلص من شبح الكثير من الأمراض؟

حقاً أن التقاليد بقدسيتها وديكتاتوريتها وجمودها وادعاءها سلاح قتال بل سم زعاف لو تناولته لتربية لأوردها موارد الهلاك. قد تنفع التقاليد في مبدأ ظهورها، ولكن مضى الزمن وتغير الظروف سرعان ما يظهر عيوبها وخطرها. إن التقاليد أبدا تأبى إلى أن تقف حجر عثرة في سبيل كل تفكير حر منتج مبتكر. التقاليد هي الحاجز المنيع أمام رقي المجتمع وتقدمه. هي العقبة الكؤود. هي السلاسل والأغلال. . . هي القيود الحديدية. . . كم من عقول حجتها التقاليد فتحجرت، وآمنت بالتقاليد فما فكرت. ان المجتمع الخامد الهادئ. . النائم ليل نهار، الساكن سكون العدم والراقد رقود الموت، هو المجتمع الذي يخضع خضوع العبد الذليل لتقاليده. حقا كلما ازدادت قوة التقاليد انحط الشعب وضعف، وكلما ضعف سلطانها أو زال تقريبا ازداد تقدم الشعب ورقيه. إن نظرة واحدة إلى الصين تقابلها نظرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية تؤيد هذه الحقيقة أعظم تأييد

لقد قيدت التقاليد التربية حين قيدت الحرية، حرية العقل الإنساني في التفكير الحر المستقل , , حين قدمت تفسيراتها الخاطئة الخيالية التي لا تتمشى مع العقل ثم طالبت الإنسان باعتناقها والإيمان بها والدفاع عنها - وأغفل العقل إذا اعترض والتفكير إذا قاوم - أليست تقاليد الأباء والأجداد؟!

حقاً لقد لعبت التقاليد دورها التربوي الخطير خلال التاريخ، فهي التي سيطرت داخل المدرسة عن طريق الطريقة المنطقية، تلك الطريقة التي وطدت نفوذها وسلطانها حتى اصبح من المعتاد مثلا أن يطالب التلميذ بحفظ هذا وترك ذاك دون أن يعلم السر في ضرورة حفظ هذا أو ترك ذاك

لم يقبل العقل الإنساني الخضوع لدكتاتورية التقاليد، فكان أن ثار وتذمر واندفع يحطم تلك العبادة. إلى يتجلى ذلك في مختلف الحركات الكبرى والثورات الفكرية التي قام بها كبار الفلاسفة والمفكرين خلال العصور؟! نعم يتضح ذلك جلياً في كثير من المواقف. في موقف

<<  <  ج:
ص:  >  >>