رفقا بأفئدة تحر ... ق في المجامر للمعابد
رفقا على الأنف الشكي ... م من الشكائم والمقاود
أصبحت من خوف القيو ... د أخاف وسوسة القلائد
جعلوا قواعد للحيا ... ة هل الحياة لها قواعد؟
يا قلب ويحك فاتئد ... يكفي الذي بك من مواجد
من ذا تناغى في دجىالل ... يل البهيم ومن تناشد؟
لغة البلابل أين تذه ... هب بين هدهدة الهداهد؟!
. . . الخ
فهنا كذلك تفوح رائحة الأسى والعتاب مضمخة بشذى الود والحب. . الحب الذي يلقى به الشاعر الحياة، وهي تفزعه وتروعه، فيغدو فيها كالطائر الحذر المفزع، لا يتم نهله من ري، ولا يأمن لروح من ظل، إلا وهو يتلفت ذات اليميم وذات الشمال
أصبحت من خوف القيو ... د أخاف وسوسة القلائد
وهي لمسة فنية بارعة متحركة لحالة نفسية فريدة في بضع كلمات ويبلغ الشاعر قمته في هذا المعنى أو قريب منه، وهو يرسم في قصيدة (ضحايا) تلك الصورة العجيبة، النادرة في شعر الإنسانية كلها، وهو يقول:
أحب أضحك للدنيا فيمنعني ... أن عاقبتي على بعض ابتساماتي
هاج الجواد فعضته شكيمته ... شلت أنامل صناع الشكيمات
ويبلغ الفن ذروته هنا في توافق الحركة الشعورية للشاعر والحركة الحسية المتخيلة للجواد. وتأخذ الحركة الشعورية في البروز والتجسم بتواكب الحركة الحسية ونبضها، حتى تنتهي بذلك الدعاء الكظيم: (شلت أنامل الشكيمات) فتبلغ ذروتها النفسية والفنية جميعا، وتترك في النفس إيقاعها الشاجي وصداها الحزين
والآن فلنصحب الشاعر في جولة أخرى. (على شاطئ النيل):
الكأس قبلك مرت في فم نجس ... وكيف تشرب منها بالفم الطاهر
يا نيل إن لم تطهرها فمعذرة ... إن عف عنها، وإلا عافك، الشاعر
ولا أزيدك لم الشاطئين وما ... عليهما اليوم من خاف ومن ظاهر