ونحو ذلك، مما بين أن أسباب الزهد في الحياة عنده بل السخرية والتهكم بها إلى أن الفناء مصير كل خير وشرن، وحسن وقبيح
(زحل أشرف الكواكب طرا ... من لقاء الردى على ميعاد
ولنار المريخ من حدثان الد ... هر مطف وإن علت في اتقاد
واللبيب اللبيب من ليس يغتر ... يكون مصيره للفساد)
وكذلك
(سيسأل قوم من قريش ومكة ... كما قال قوم من جديس ومن طسم)
فكل عمل يقوم به الإنسان جهد ضائع يتلوه جهد ضائع لا يستحق الأسف
(تعب كلها الحياة فما أع ... جب إلا من راغب في زدياد
أسف غير نافع واجتهاد ... لا يؤدى إلى غناء واجتهاد)
إلى مئات الأبيات في هذا المعنى ونحوه والأسباب واحدة والنتيجة واحدة
والمتنبي يرى ما يرى، ومن السباب التي يستنتج منها المعري وجوب الزهد ويستنتج هو وجوب الإقبال على الحياة والانغماس في معاركها على قدر الطاقة. فيقول:
(وإذا غامرت في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم)
ولماذا؟
(فطعم الموت في أمر حقير ... كطعم الموت في أمر عظيم)
ويقول:
(صحب الناس قبلنا ذا الزمانا ... وعناهم من شأنه ما عانا
وتولوا الناس قبلنا كلهم من ... هـ، وإن سر بعضهم أحيانا
ربما تحسن الصنيع ليالي ... هـ ولكن تكدر الإحسان)
وليس الإنسان ضحية شرور القدر وحده، بل ضحية شرور أخيه الإنسان أيضاً، واتخاذه من كل وسيلة للخير وسيلة للشر
(وكأنا لم يرض فينا بريب الد ... هر حتى أعانه من أعانا
كلما اثبت الزمان قناة ... ركب المرء في القناة سنانا)
وهل المغنم الذي يجتنيه الإنسان من وراء كل ذلك يستحقه هذا العناء؟ ولا، والمتنبي لنا