للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من المعاني ما لم يضمنها غياها شاعر آخر! إذن أين مكان ابن الرومي وأبي تمام وأبي نواس وبشار بن برد وابن المعتز؟ وما هي الثروة التي أضافها ابن حمديس وشعره لا يتعدى التقليد لشعراء بني العباس وبني أمية؟ وكيف يتهم الأستاذ العقاد أدباء العربية بجهل ابن حمديس؟! أما قوله عن بيتي ابن حمديس (تطيب أفواهن. . . الخ) فأحيله إلى الأستاذ العقاد وأقول إنني لم أترشف منه رضاب الحسان، ولا أتنسم ريح الورد، وعندي أن أبيات بشار في وصف أحاديث الحسان خير بكثير من هذين البيتين، وكذلك أبيات الرومي وبعض ما قال عم بن أبي ربيعة، ولا شك أن الأستاذ مطلع أكثر من غيره على ما ذكرت

والعقاد بعد هذا أكثر أدباء العرب فهما للأدب الإنجليزي فكيف يقول إن أبيات حمديس اللامية من قصيدة (شلي) في وصف القبرة؟ وهذه القصيدة لا تعد فذة في الأدب الإنجليزي فقط بل في الأدب العالمي والغنائي، ومن شاء فليرجع إلى نصها الإنجليزي أو ليقرأها مترجمة إلى العربية وخير ترجمة لها ترجمة المرحوم علي محمود طه وهي منشورة بكاملها في كتابه (أرواح شاردة) فهل توافقني أيها الصديق على أن قصيدة ابن حمديس التي ذكرها العقاد لا تقاس بقبرة شلي إلا كما يقاس الصدف بالدر؟ ويقارن الأستاذ العقاد بيت ابن حمديس:

لا تنكري أنك حورية ... روائح الجنة نمت عليك

ببيتي صبري ووقي، ويقصد بيت صبري (إسماعيل صبري باشا):

أنت روحانية لا تدعي ... أن هذا الحسن من طين وماء

وبيت شوقي:

صوني جمالك عنا إننا بشر ... من التراب وهذا الحسن روحاني

أما أنا فأقول إن بيت شوقي أحسن الأبيات وأحلفها وأقواها ديباجة وأملؤها للنفس. ولولا (روائح الجنة) التي اقتبسها من أبي العتاهية لما بقي للبيت أي جمال. واترك لك يا صاحب الدب والفن في أسبوع المقارنة بين الأبيات الثلاثة فها الشاعر الذي أعجب به العقاد لو درسه الأدباء دراسة استقصاء وبحث لعلموا أن الأستاذ العقاد لم ينصف المتنبي وابن هانئ عندما قرنه بهما. هذا هو رأيي. وأقول أكثر من ذلك إنه لولا بعض القطع التي تحفل بالصور الشعرية في شعر ابن حمديس لما استحق الذكر، فهل أقرأ رأيك في هذا الذي كره

<<  <  ج:
ص:  >  >>