كانت النظرة التي تمليتها من المريضة كافية لأن أعلم أن برئها محال. واشكلت على وجوه الرأي ولم أدر هل أصارحها بالحقيقة أم أكتمها عنها وأطمئنها كما طمأنها طبيبها من قبلي، وأدع الأقدار وحدها تقول كلمتها وهي فصل الخطاب!. . ولكنني كنت استمعت منها إلى قصتها. وعرفت ظروف حياتها وكنت إلى ذلك أعرف أن فتاها ينتظر في صبر أرعن الكلمة التي ستنفرج من بين شفتي. . فأية قسوة أن أقول أمامه لفتاته:
- لا أمل في شفائك يا ابنتي
من يتصور أن أصدم فتاة في حياتها. . وفتى في أمله في الحياة؟ ورأيتني أميل إلى أن أكتم عنها الحقيقة فقد رأيت من الرحمة ألا أطفئ جذوة الأمل الأخيرة في حياة هذين العاشقين.! وما كدت انتهي إلى هذا القرار حتى انساب إلى صوتها الواهن وهو يقول:
- أرجو أن تنبئني بالحقيقة يا سيدي - إنني أعلم دقة مركزك. . ولكن يجب أن أعلم مهما كانت قاسية. .! وشئت أن أتكلم. . ولكن الكلمات ماتت على شفتي وأطرقت أفكر بينما تابعت هي حديثها قائلة:
- يريد خطيبي أن يعلم الحقيقة. . ولك ينبغي ألا تخبره بها إن كانت قاسية فهي حرية بأن تطيح برشاده وتشقيه. . ولكنني أستحلفك بشرف المهنة أن تنبئني بها!.
- وهكذا رأيتني في موقف يتحتم علي فيه أن أتكلم!. وصعدت إليها بصري لأول مرة منذ تكلمت فرأيت العزم والتصميم في وجهها فقلت:
- ما دامت تلك هي إرادتك. . فانه يحزنني أن أقول لك أن الزمام قد أفلت من أيدينا ومع أن وجهها كان قاسيا إلا أن الدموع طفرت فجأة وتحدرت على وجنتيها في خطين دقيقين!. أدركت في لحظة واحدة أنها امرأة فانية. . وأنها بعد وقت طويل أو قصير سترحل عن الدنيا وعن فتاها وعن ذويها. . وعن كل ما وعزيز لديها وحبيب. .! قالت في صوت يزخر بالانفعال: