للأرض وتنميتهم للبقول والأزهار والأثمار. وتكفي مطالعة كتاب ابن العوام الآنف الذكر لمعرفة ما كان لبعض مصطلحاتهم وطرائقهم من الشأن والقيمة. ومن بعض الأدلة عليها تنبههم إلى ما في الدماء والأبوال من القوة والدواء لإصلاح الأرض لما فيها كما هو معلوم اليوم من الأزوت والنترات، فأشاروا بهما لطب النباتات والمغروسات. قال ابن العوام:(وقد يعالج بعض أدواء النباتات بدماء وأبوال لأن للدماء قوى عجيبة في إنعاش بعض الشجر والنبات). ولكن فأنه أن ينبه على وجوب تجفيف الدم قبل استعماله
راجعنا مقالاتهم في أنواع السرقين والمفاضلة بين ذرق الحمام وأرواث الخيل والبغال والحمير، وأحثاء البقر والجواميس وأبعار الغنم والضأن والماعز، فإذا أفضل الأزبال عندهم ذرق الحمام، واختلفوا في ما يتلوه في الجودة فقدم بعضهم زبل الحمير على روث الخيل ثم زبل الغنم ثم زبل البقر. ونقلوا عن قسطوس أحد علماء الفلاحة، وهو قسطا بن لوقا، أنه قال:(أحسن زبل الطير ذرق الحمام فبحرارته يميت الأعشاب، ثم زبل الحمير ثم زبل الغنم ثم زبل البقر، وأنفع الآزبال العامة للنبات زبل الخيل والبراذين). وهذا الرأي هو الشائع اليوم في تفضيل روث الخيل للمزروعات عامة.
وهنالك سرقين آخر أشادوا بجودته، وأجمعوا على إيثاره والمغالاة فيه وهو ما نستميح القارئ أجمل العذر في التعريض به، وقد سبق الإيماء إليه في بيت الشمقمق ويسمونه الروث الآدمي وزبل الناس. ومن غريب ما عرف به أيضا ولم نره إلا مرة واحدة اسم (قوسان) نقلة ابن الأخوة في كلامه على حسبة الفاخرانيين والقصارين فقال: (يشرط عليهم ألا يقدروا على الكوز بقوسان وهو روث الآدمي ولا بشيء من الأزبال فإنه نجس، بل الحلفاء والقيشة وهي قشر الأرز وما أشبه). ومن أشهر أسمائه أيضا الغائط والنجو والعذرة. وإنما الغائط المكان المطمئن. وكانوا إذا أرادوا الخلاء انحدروا إلى الغيطان أي بطون الأرض تسترا وانتباذا. وكثر ورود الغائط في كلامهم فانتقل أسمه إلى الحدث نفسه واشتقوا منه الفعل تغوط، كما انتقل اسم الحش وهو في الأصل البستان إلى بيت الخلاء لأنهم اعتادوا أن يتبرزوا في البساتين. وأما النجو فهو الارتفاع من الأرض وكان الرجل إذا خرج لقضاء الحاجة يتستر بنجوة فقالوا من ذلك ذهب ينجو كما قالوا ذهب يتغوط إذا ذهب إلى الغائط لك الأمر. وأما العذرة فهي فناء الدار وكانوا إذا قضوا حاجتهم ألفوها في