للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأفنية اسم المحل على الحال

وفي أخبارهم عنها السماد الآدمي من النكات والمضحكات وهجن العادات والحكيات الغريبة ما يدخل في أوصاف الحضارة وتاريخ الفلاحة، ولذلك لم نتوقف عن رواية بعضها بعد أطراح مالا يجمل ذكره واستبدال ما يقبح التصريح به من ألفاظه المبتذلة الفاحشة

وقد عده ابن العوام بعد ذرق الحمام في الجودة والامتحان الأرض والمنابت كلها. ووصف أيضا كيف يعمل به قبل الاستعمال له فقال: (ينبغي أن يجفف من رطوبته الأولى حتى يكمل جفافه ويسود ثم يجعل في الحفائر ويرش عليه الماء العذب ثانية ويحرك تحريكا كثيرا ويختلط ويجفف حتى يجف جفافا جيدا ثم يخلط به رماد)

وكان لأصحاب البساتين طلب عليه شديد وتنازع متواصل (فلا يعافون تسميد بقولهم قبل نجومها وتفتق بزورها ولا بعد انتشار ورقها وظهور موضع اللب منها، حتى ربما ذروا عليها السماد ذرا ثم يرسل عليها الماء حتى يشرب موضع اللب قوى العذرة. بل من لهم بالعذرة وعلى أنهم ما يصيبوها إلا مغشوشة مفسدة، وكذلك صنيعهم في الريحان، فأما النخل فلوا استطاعوا أن يطلوا بها الأجذاع طليا لفعلوا)

ومما يدل على الاعتقاد الشائع في أثر هذا السماد البشري نكتة رواها البلاذري عن معاوية بن مروان وكان محمقا قال: (مر بحقل وقد سمع أهل الشام يقولون لا يفلح حقل لا يرى (عجز) صاحبه فنزل وأحدث) ومن أهزل الأبيات التي قيلت في هذا المعنى ما رواه أبو الفرج الأصبهاني قال:

(اجتمع جعيفران الموسوس ومحمد بن بشير في بستان فنظر إلى محمد بن بشير وقد انفرد ناحية ثم قال عن شيء عظيم خرج منه فقال جعيفران:

قد قلت لابن بشير ... لما رمى من عجانه

في الأرض تل سماد ... علا على كثبانه

طوبى لصاحب أرض ... (خلوت) في بستانه

وكانت البصرة فيما قيل أشهر أسواق السرقين، وأميرها كما سبق كان من يتجر به (وللحوش فيها أثمان وافرة فيما زعموا تجار يجمعونها. فإذا كثرت عليها أصحاب البساتين ووقفهم تحت الريح لتحمل نتنها فإنه كما كانت أنتن كان ثمنها أكثر، ثم ينادى عليها فيتزايد

<<  <  ج:
ص:  >  >>