الناس فيها. وقد قص هذه القصة صريع الدلاء المصري. . ولذلك ذم الشعراء البصرة وأهلها فقال محمد بن حازم الباهلي (في هجاء البصري):
يعتق (نجوه) كيما يغالي ... به عند المبايعة التجار
ومن النوادر المروية عن البصرة (دخل فتى من أهل مدينة البصرة فلما انصرف قال له أصحابه: كيف رأيت البصرة؟ قال: خير بلاد الله للجائع والغريب والمفلس. أما الجائع فيأكل خبز الأرز والصحناة فلا ينفق في شهر إلا درهمين. وأما الغريب فيتزوج بشق درهم. وأما المحتاج فلا عليه غائلة ما بقيت له عجزه، (يحدث ويبيع)
وأشبهت أصبهان البصرة في نفاق الحشوش فيها (فإن قيمتها عندهم وافرة) قال ياقوت: حدثني بعض التجار قال: رأيت بأصبهان رجلا من التناء يطعم قوما ويشرط عليهم أن يتبرزوا في خربة له قال: ولقد اجتزت به مرة وهو يخاصم رجلا وهو يقول: كيف تستجير أن تأكل طعامي وتفعل كذا عند غيري - ولا يكني - ولبعض الشعراء في ذم أصبهان وأهلها أبيات قال فيها أن ليس للناظر في أرجاء اصبهان من نزهة تحي القلوب غير أوقار العذرة ومن أقبح ما وصف به أيضا أهل أصبهان قول أبي القاسم البغدادي:(يحملون (نجوهم) على رؤوسهم وعلى ظهور دوابهم إلى بساتينهم فينجسون به الأنهار ويربون به الثمار ويأكلونها. أي لعمري هو (نجوهم) منهم بدا وإليهم يعود وهم أحق به. بلدة حشوشها في المسابل وطرقها كالمزابل. لا يوجد ذو كرم ولا نائل)
وعيبت مدينة توزر في إفريقية (بأن أهلها يبيعون ما يتحصل في مراحيضهم من رجيع الناس يفخلون به بقولهم وبساتينهم ولكنهم لا يرغبون فيه إلا إذا كان جافا فيحملهم ذلك على عدم الاستنجاء في مراحيضهم، ويخرج أحدهم من بيته حتى يأتي القناة فيستنجي من مائها وربما اتخذ أحدهم المراحيض على قارعة الطريق للواردين عليها ليأخذ ما يتحصل من ذلك ويبيعه) ولذلك قال الجاحظ: (من أكرم سمادهم الأبعار كلها والأخثاء. إذا جفت، وما بين الثلط جافا والخثاء وبين العذرة جافة ويابسة فرق)
وأقبح ما هنالك ما كان يجري في قابس (فإن أكثر دورهم لا مذاهب فيها وإنما يتبرزون في الأفنية فلا يكاد أحدهم يفرغ من قضاء حاجته إلا وقد وقف عليه من يبتدر أخذ ما خرج منه لطعمة البساتين، وربما اجتمع على ذلك النفر فيتشاجرون فيه فيخص به من أراد منهم،