للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لك، ولكن أمجاده له. والوطني الصميم هو الذي يرفع ما بنى أبوه، ويتمم ما بدأ جده. ولا ينفع المرء عند الوطن أن أباه وطني وهو خائن، ولا عند الله أن أباه مسلم وهو ملحد!

أيها الكبراء والعظماء! في لكم في سيدكم الفاروق أسوة حسنة. فخذوا أخذه الجميل في سيرته ومصريته وشعبيته ودينه، فإن ذلك يكفل لكم رضا الشعب في الدنيا ورضا الله في الآخرة)! هذا هو المقال الذي ظهر في (الرسالة) منذ أثني عشر عاما فكان له في النفوس وقع الآذان دوي وفي القلوب مكان. . واليوم حين تدعوني المناسبة إلى إثباته، اشعر شعورا عميقا بأن من حق الزيات علي أن أخفض قلمي تحية لمصريته، وكرامته. وأقسم أن هذا الشعور ليس مرجعه إلى أنه صديق وإنما مرجعه إلى أنه (مصري). . . وأعظم بكل مصري ولو كان خصما من الخصوم!!

إلى الشاعرة فدوى طوقان:

إذا قلت لك إنك من هذه الفئة القليلة التي تملأ نفسي اطمئنانا على حاضر الشعر العربي وتذهب بأكثر ما فيها من قلق على مستقبله، فانظري إلى هذا القول على أنه تقرير لحق وتصوير لواقع، ولا تنطوي إليه على أنه مجاملة لآنسة شاعرة وقصيدة مهداة. . . لقد تفضلت فأهديت إلى قصيدتك المحلقة في العدد (٩٤٤) من الرسالة، وأنا إذا أتقبلها شاكرا فإنما أغترف الشكر من منابع تقديري لشعرك. وما أكثر دواوين الشعر التي يهديها إلي شعراء (كبار) فلا يسمعون مني كلمة شكر، لأن الشكر عندي أساسه التقدير، ولأن التقدير عندي مبعثه الإثارة النفسية التي يلهب بها الشعور كل فن جميل!

إن قصيدتك لتذكرني بأنني مقصر في حقك وحق شعرك لأن للفن الجميل حقوقا على النقد يجب أن يؤديها بإخلاص ويرعاها بأمانة. ولست أدري كيف شغلت عن حقوق فنك وأنا حريص على حقوق الناس. . . مهما يكن من شيء فإن بوسع الغد المرتقب أن يستدرك ما غفل عنه الأمس الغابر واليوم المشهود. وأشهد أن شعرك جدير بأن يحتل من تاريخ الدب مكانا ملحوظا وسطورا مشرقة. وأشهد مرة أخرى أن هذه الكلمات خالصة لوجه الحق وحده دون سواه، وليس مرجعها إلى مجاملة الآنسة الشاعرة وقصيدتها المهداة! تذكرني قصيدتك بهذا كله ثم تعود فتعصف بالوجدان وهي تقدم إلي قصة (لاجئة في العيد)، لاجئة رسمت ريشة الشعر قصة بؤسها على لوحة الشعور، شعور فدوى الإنسانة وفدوى الفنانة. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>