ولما رأيت (الأجمال) سائرة تخب الأرض خبا، والقلوب طائرة، والأقدام تطوي السباسب خبا، تزايدت منا الحسرات، وبعد العود من التوديع، قيدت هذا القصيد الآتي مخافة أن يضيع، وأنشدتها الرفيق الأعز الأخ الشيخ عبد الكريم الجمل فهاج وماج، ولمفصل ما عنده أجمل، وبكى واستبكى، والمدامع أهمل، وهي:
أبروق لاحت بتلك البوادي ... أم بواد في حي سلمى بوادي الخ
اجتماعه بصديقه رجب باشا والى الشام وأمير الحج:
(وكنت لما اجتمعت بجناب الدستور الأكرم، والمشير الأفخم محبنا الأعظم، والى الديار الشامية، وأمير الحج في هذه السنة السنية، رجب باشا، حبي من الخيرات ماشا، سألني (هل حججت؟) قلت (لا) فعرض أن نصحبه في الزيارة، وصرح في كلامه التركي المعرب الآن، بعد التعريض والإشارة، فأحلنا الأمر على الإرادة، ورجونا حجاً مبروراً لنيل السعادة
عم الشيخ البكري يحج أيضا:
(ولما توجهت همة العم، زاد السرور وزال الغم، وكنت أرى لي قبله مالاً، فقلت أحسب مصرفه على منه مآلا. وسألته الرفق والإرفاق، فأجاب بالوفاق والإشفاق، وأخبرت أن الوزير المشار إليه، أمره بأخذ الفقير فهان الصعب عليه، وعند الحزم والعزم على الرحيل، ودعنا قطب رحى الوجود، شيخنا صاحب الكشف الأنسي، جناب الشيخ عبد الغني النابلسي، وجميع من عنده. ممن أصحبهم رفده
زيارة المشاهد وقبور الأجداد قبل التوجه إلى الحج:
(وزرنا قدوة العارفين سلطان الغارقين في بحر الوحدة والعارفين سيدي محبي الدين، وتوجهنا بأهل السفح، ثم زرنا الوالد والأجداد الكرام في مقبرة الشيخ أرسلان، وتممنا الزيارة بشيخنا المرحوم الشيخ عبد اللطيف، وختمنا بمرقد سيدي عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق، وهذا المرقد على التحقيق لجدنا سيدي محمد ابن عبد الرحمن المعروف بابن أبي عتيق، وسبب ذلك أن محمد بن عبد الرحمن هذا ولد له عبد الله وله عقب، فاتفق أن عدة من أولاد أبي بكر رضي الله عنه، تناضلوا، فقال أحدهم (أنا ابن الصديق) وقال الآخر: