للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجرائم قبل وقوعها واطمأن العمدة إلى هذا الرأي فعزم على تبليغ المركز وقام إلى التليفون واتصل بالمعاون.

وعلم المأمور بالأمر فضحك من عقلية عمدة المنشية الذي يجد في حلق رجل لحيته وشاربه خطرا على الأمن العام خصوصا وأنه كان يرى فيه من قبل سذاجة وقلة حيلة، فأمر ملاحظ البوليس أن يستدعيه ليوبخه على تصرفه ويطلب إليه أن يكون في حكمه على الحوادث أبعد نظرا وأكثر رزانة. ورجع العمدة ونفسه تفيض أسفا على تبليغ الأمر للمركز بعد ما راعته ضربات الملاحظ على المكتب، وجرحت عزته شتائمه فكان يسب مشايخ بلده الذين حسنوا له التبليغ ويخص منهم الشيخ عبد المطلب وهو المتحذلق الذي أشار إليه بالعمل على منع الجرائم قبل وقوعها. ولكنه كان يحاسب عقله فلا يجد في عمله مأخذا، ويستشير ضميره فيلقاه راضيا عن قيامه بواجب وظيفته، ثم يرجع بذاكرته إلى الماضي القريب فيذكر أنه لما قتل في قرية بجوارهم سويلم العربي حلق ابنه جويفل لحيته وشاربه حتى أخذ بثأر أبيه فأطلقهما في السجن، وهكذا اختصمت أفكاره فضاع صوابه. . . .

أسدلت يد الأيام ستار النسيان على هذا الحادث حتى جاء يوم فرفع الستار. . . . في صبيحته امتطى إبراهيم أفندي صهوة جواده يقصد السوق فعاد الجواد يعدو إلى مربطه بعد قليل وكان العمدة مطلا من شباك داره فلما رآه انخلع فؤاده لأن ذلك معناه أن سوءاً حل بولده. ونزل يجري في الطريق الموصل إلى السوق منفعلا هائجا فلحق به أهل القرية من كل صوب ولم يذهبوا بعيدا حتى وجدوا إبراهيم أفندي ملقى بجوار مزرعة للقصب يتلوى ألما ورأوا أن رصاصة استقرت في فخذه.

يا لهول الفاجعة!! حتى أبناء العمدة يعتدى عليهم!! ولم تحم الشبهات إلا حول عبد الدايم فانبث الخفراء في أزقة القرية يبحثون عنه بعد أن لم يجدوه في خيمته، واهتزت الأسلاك تنقل الخبر إلى النيابة؛ أما الجريح فقد نقل إلى مستشفى الزقاقيق ليسعف بالعلاج. وبعد برهة وصل وكيل النيابة ثم تبعه ضابط المباحث على رأس قوة من البوليس ففتشوا بيت عبد الدايم فلم يجدوا شيئا يفيد التحقيق، فخطر لضابط المباحث أن يفتش مزرعة القصب لأنه استبعد أن يظل عبد الدايم محتفظا ببندقيته، ورجح أن يكون قد ألقاها فيها فبعثر رجاله في أنحائها وإذا برجل منهم يعثر على بندقية. . وإذا بالبندقية حديثة الطلق. . . . وإذا بكل

<<  <  ج:
ص:  >  >>